غير مصنف

المدنيون في إدلب بين مطرقة الأسد وسندان تناحر الفصائل

تتعرَّض مدن وبلدات ريف إدلب بشكل عام لحملة قصف عنيف وممنهج من قبل الطَّيران التَّابع لقوَّات الأسد وحليفه الروسي، خاصَّة في الآونة الأخيرة بعد تقدُّم المليشيات الإيرانيَّة واللبنانيَّة وتوغُّلها داخل المناطق المحرَّرة بريف إدلب الشَّرقي، حتى تمكَّنت من الوصول الى مطار أبو الظهور الواقع شرقي مدينة إدلب بحوالي قرابة 50 كم ومحاولتها التَّقدُّم والتوغُّل في مناطق تقع غرب المطار، والتي تواجه فيها قوَّات الأسد وميلشياتها مقاومة عنيفة من قبل الفصائل العاملة في المنطقة، ما دفع طائرات الأسد الحربية وطائرات العدوان الروسي لقصف المناطق المحرَّرة بشكل عنيف وممنهج، فكل تأخير في تقدم قوَّات الأسد يكلِّف المدنيين عشرات الشهداء، بالإضافة إلى التدمير الكبير في المنازل والممتلكات العامَّة والخاصَّة، وكأنَّ من أخَّر تقدُّمها هم الأطفال والنساء والشيوخ، أما إذا أحرزت الفصائل أيَّ تقدُّم على أي جبهة من الجبهات يقوم الطيران بالانتقام بنفس الطريقة (قتل الأطفال والنساء وهدم المنازل) ففي كلتا الحالتين الضحيَّة هم النِّساء والأطفال والمدنيين العزَّل.

وهذه أكثر الأسباب التي جعلت المدنيين في المناطق المحرَّرة يتعلَّقون بالحلول السياسية ويكرهون كلمة تقدُّم او فتح جبهة من الجبهات، لأنهم أيقنوا أنَّ نظام الأسد وحلفاءه لا طاقة لهم بالمقاتلين على الأرض فيصبُّون جام غضبهم على رؤوس المدنيين.

ومن أهم الأسباب التي جعلت معظم الفصائل المقاتلة تستكين وتقف مكتوفة الأيدي بسبب ضغط المدنيين الذين اقتصرت مطالبهم على العيش بسلام بعيداً عن هدير الطَّائرات وصفير القنابل ولهيب الفوسفور والنابالم الحارق.

فهذا حال المدنيين بالنسبة للقصف والتشريد والتهجير المطبق عليهم من أقوى قوى العالم، روسيا وحلفاؤها من جهة وغطرسة بعض الفصائل وهيمنتها والضغوط التي تطبقها على المدنيين من جهة أخرى.

“محمد الخضر” أحد المدنيين من ريف إدلب في حديثه عن هذه القضية لفرش أونلاين، أكَّد أنَّه لم يعد له ثقة بأحد ولم يعد يريد التقدُّم، فقط ما يريده هو العيش بأمان، “لقد تعبنا من رؤية بيتنا متهدِّم ولم نعد نحتمل رؤية أشلاء أطفالنا في الطُّرقات، كل هذا وفصائلنا شعارها التَّناحر والنِّزاع، فمن يغدر بمن يجالسه الخندق لن يحمينا في المنزل”.

وفي لقاء مع أحد القادة العسكريين في ريف إدلب: “فقدنا ثقة الشعب والحاضنة الشعبيَّة بخلافاتنا، فكل الخلافات تصبَّ في مصلحة النِّظام والخاسر الأكبر هم المدنيين، وأي عمل لنا ضد قوَّات الأسد نتقدم قرية او قريتين ونخسر عشرات الشهداء من أهلنا، ليس لنا القدرة على طيران الاحتلال الروسي المتطور في ظلِّ الحظر الدُّولي المطبَّق علينا”.

كل هذه الأمور تضع المدنيين في إدلب بين مطرقة الأسد وسندان تناحر بعض الفصائل على الهيمنة، وسط غياب مطلق لمصير المحافظة في ظلِّ تقاعس المجتمع الدُّولي ومن ادَّعوا “نصرة الشعب السُّوري”.

محمد العباس (كفرنبل، ادلب)

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى