غير مصنف

تنظيمُ داعش الوجهُ الآخر لنظامِ البعث

 

بعدَ خمسينَ عاماً من تسلُّطِ آل الأسدِ على الشّعبِ السّوريّ، وَبعد أن خرجَ السّوريّون يطالبونَ بحقِّ الحياةِ والحريّة، خرجَ قومٌ أرادَ اغتيالَ الثّورة وكانَ الوجهَ الآخر لنظامِ البَعثْ.

في العامِ 2004 انطلقت في العراقِ نواةُ تشكيلٍ لتنظيمِ داعش، لتستقرّ هذهِ النواةُ منذُ ذلك العام في العراقِ تحتَ مسمى ” قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين”.

وفي عام 2010 وبعد مقتلِ قادةِ التنظيم بغاراتٍ جويّةٍ أمريكيةٍ على العراق، تمّ انتخابُ “أبي بكرٍ البغداديّ” قائداً عامّاً على رأس التنظيم، وفي نهايةِ العامِ بدأت علاماتُ شيخوخةِ التنظيم تظهرُ لجميعِ المتابعينَ لمسيرة تشكيلهِ وتمدده في العراق حيثُ أصبحت البيئةُ الحاضنَةُ له في المدنِ العراقيّة وخصوصاً محافظةُ الأنبار تحاربُ وجوده فيما بينها فقلّت أعدادُ المنتسبين له ولأفكارهِ تدريجياً بعدَ الانسحابِ المبرمج الذّي قام به الجيشُ الأمريكي في العراق.

إلى أن جاءت الثوّرة السّوريّة والّتي بدأت في عام 2011 ليعودَ هذا التنظيم وينشطَ في الأراضي السّوريةِ من جديدٍ بعد الاحتفاظ بعددٍ من مقاتليه هُناك ولحقَ بكلَّ ذلك إعلان “أبو بكرٍ البغدادي” إنشاء ما يُدعى بالدولةِ الإسلاميّةِ في العراقِ والشّام.

منذ ذلك الحين نشطَ تنظيم داعش في العراقِ وسوريا وتعدّدت جبهاتُ قتالهِ مع معارضيه ومع من يدعمونه إلى نهاية عام 2013 وبدايةِ عام 2014 حيث تمّ تغذية التنظيم بالأسلحةِ المتطّورةِ ما مكّن له التمددَ في شمالِ سوريا وشمالَ شرقها لتنجلي سمعةُ هذا التنظيم وتقومُ مجموعاتٌ كبيرةٌ من الأجانبِ والعربِ ممّن تم غسلُ أدمغتهم بالانضمامِ إليه قادمين من مختلفِ مناطقَ العالم.

واتّخذوا من مدينةِ الرّقة مقراً لهم بعد تحريرها من جيش الأسد، وهدفوا إلى السيطرةِ على آبارِ النفطِ المتواجدةِ في الأراضي السوريّة في كُلَّ من “دير الزور وحمص والقامشلي” بغيةَ تطويرِ أسلحتهم والنهوضِ بدولتهم المزعومة.

فصارَ عددهم أكثر من مئتي ألف مقاتل، إضافةً للعدّةِ المتطورةِ من الآلياتِ العسكريةِ والدباباتِ والصواريخِ والأسلحةِ الخفيفة، ما دفعهم للتمددِ في كُلٍّ من ” شبه جزيرةِ سيناء بمصر وفي ليبيا” إضافةً لمجموعةٍ صغيرةٍ في بلدانٍ شتّى.

الزعيمُ الحاليُّ “لداعش” هو “أبو بكرٍ البغدادي” كما يُعرفُ عبر وسائل الإعلام، واسمهُ الحقيقي “إبراهيم بن عوّاد بن إبراهيم البدري” من مواليد 1971 وهو ابن مدينةِ سامراء العراقيّة.

يتّضحُ أنّ داعش ليست جماعةً جهادية وليست ذاتَ أفعالٍ تنسجمُ مع الإسلامِ والإنسانيّة، إنَّما تظهرُ كفئةِ قُطّاعِ طرقٍ وعصابات إجرامٍ إرهابيّة، قد صدر منها كُلُّ ما يخالفُ الإسلامَ قولاً وفعلاً، وترتكبُ كُلَّ المحرّماتِ وأيَّ شيءٍ أعظمُ من قتلِ الأطفالِ والنساءِ والرجالِ الأبرياءْ.

لم تزل ثورةُ الشعبِ السوريِّ تعاني من غطرسةِ أتباعِ البغدادي المنتشرينَ في معظمِ المحافظاتِ السوريّة ولم يزل التنظيم يمارسُ أبشعَ الجرائمِ بحقِّ المدنيين سواءً بالذبحِ أو بمحاولاتِ الاغتيالِ أو بعملياتِ المداهمةِ والسطوِ بذريعةِ أنَّ الّذين خارجَ دولتهم هم مرتّدون وعُملاء.

فأصبحتِ الثورةُ بينَ آلةِ القتلِ الذي يمارسه نظامُ الأسدِ وبين أنيابِ عناصرَ البغدادي، ولم تزل المعارضةُ السّوريةُ تقاومُ كلا الطرفينِ رُغم حُلفاءِ الأسدِ وغدر التنظيم.

نهجُ داعش جسّد للحجرِ والبشرِ أنّهُ مخالفٌ لشريعةِ الدنيا ومغايرٌ لطبيعةِ الإنسانِ كما نهجُ آل الأسدِ فهو ضدُّ الإنسانيّة وحقِّ الإنسانِ بالعيشِ والحياة، ليكونَ تنظيم داعش وجهاً آخراً لدولةِ البعثْ، وجرثومةً تملأُ الأرضَ غيّاً ونفاقاً وخداعا.

 

“محمد مسلم العبيدو” (كفرنبل إدلب)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى