مدونة المرأة

كنت سأزفه عريساً فَزُّفَ شهيداً

ولدي الكبيرُ الَّذي لم يكمل العشرين من العمر، حصل على الشهادة الثانويَّة والتحق بعدها بالثورة للقتال ضدِّ نظام الأسد، وصار يذهبُ للقتال والرباط على الجبهات، وكان حلمي أن أراه عريساً وكلَّما تحدَّثنا كان يقول لي:” ما زلت صغيراً على الزواج” لكنَّي كنت أراه رجلاً بكلِّ معنى الكلمة.

وفي يوم من الأيام عرضت عليه الأمر مجدداً وقلت له:” إني وجدت لك الفتاة المناسبة من القرية المجاورة لقريتنا، في البداية عارض الأمر وبعدها قال:” كما تريدين يا أمي، افعلي ما ترينه مناسب، ذهبت وطلبت له الفتاة وتمت مراسم الخطوبة كاملة وفرحتي بذلك لا تعادلها فرحة أبداً.

وبعد مرور قرابة الأسبوع قال:” سأذهب إلى الرباط فما هي إلا يومين أو ثلاثة وأعود، ولكني أنظر إليه وأحس أن عيوني لا ترتوي من النظر إليه، مرّ يومان وكنت انتظره بفارغ الصبر وفي مساء اليوم الثالث حدثت الفاجعة التي حرقت قلبي وأطفأت شمعة الفرح في عيني، فبدل أن أزفه في طقم الزفاف، زفه رفاقه بكفنه الأبيض الذي غرق بدمائه الطاهرة.

لماذا يا مهجة فؤادي، لماذا ذهبت وتركتني وتركت حسرة وحرقة في قلبي إلى أن أموت؟، ألم تعدني أنك ستعود وأزفك عريساً؟، الناس حولي يهدّؤون من روعي ويقولون ما لكِ يا أم إبراهيم إنه شهيد وسيشفع لأهله يوم القيامة، نعم صحيح ولكن قلب الأم ماذا أفعل به؟، وماذا عن عينيّ التي لا أستطيع أن تنسى ابتسامته.

أدعو الله دائماً أن نلتقي في الآخرة، وأن يزول الظلم عن بلادي الَّتي دمرها نظام الأسد بطائراته، وأن يرحم جميع شهداء الثورة السُّوريَّة.

 

(وفاء المحمد)

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى