مدونة المرأة

حياةٌ مليئةٌ بالألم

اسمي “هيفاء” أبلغُ من العمر ثلاثين عاماً، من سكَّان ناحية “حيش” بريف معرّة النعمان، متزوجة ولدي خمسة أولاد.

 

في بداية الثورة السورية انشقَّ زوجي من مشفى تشرين العسكري بدمشق التابع لنظام الأسد نظراً للظلم والفساد والقمع الذي استخدمه النظام في كبح جماح المتظاهرين، حيث عدنا إلى قريتنا حيش وأقمنا ضمن غرفةٍ بمنزل أهل زوجي، إضافةً إلى ذلك أصبحت أحوالنا المادية سيئةً للغاية وما زاد الطين بلة هو القصف الهمجي التي تتعرض له المدن والقرى من طيران الأسد المروحي والحربي.

ورغم الحرب والخوف كان زوجي يخرجُ يومياً للعمل وتأمين قوت يومنا دون مساعدة أحد، وبعد فترةٍ قصيرةٍ تأخر زوجي في عودته للمنزل فاعتراني الخوفُ والقلق شأني كشأن أولادي الذين افتقدوا لأبيهم عند الغداء، وما هي إلا دقائق معدودة حتى جاءت سيارة إسعافٍ وبرفقتها أشخاصٌ من القرية فدفعني قلبي للذهاب إليهم وعند وصولي شاهدت زوجي والكفنُ الأبيضُ يغطَّيه، هنا سقطتُ أرضاً وأغميَ عليَّ، وبعد استيقاظي علمتُ أنه تعرض لإطلاق نارٍ من قناصة قوات الأسد أثناء عمله، هنا بدأت معاناتي الحقيقية حيث عشتُ مع أولادي في غرفةٍ واحدةٍ كأنها سجنٌ في غياب زوجي.

 

وبعد مضي فترة العدَّة عُرضَ عليَّ أن أتزوج من إخوة زوجي للحفاظ على الأولاد وتأمين احتياجاتهم الأمر الذي جعلني أشعر وكأني غريبة بينهم، ونظراً للمشاكل التي حلَّت بنا والإهانات التي وجهت لي قررت أن أترك أولادي عند جدهم وأن أبتعد عن العائلة لأنني لا أستطيع تأمين حياتهم ومتطلباتهم.

ذهبتُ إلى أخي المقيم في بلدة “بسقلا” وبعد إقامتي عنده بعدة أيام سافر إلى ألمانيا بسبب الأوضاع السيئة، وتركني مع زوجته التي أصبحت تظهرُ لي علامات عدم الرضى لوجودي.

فأصبحتُ أبحثُ عن عمل لكن شقيقي رفض الفكرة رفضاً قاطعاً، عندها عزمت على الزواج لأتخلص من هذا العذاب والشقاء، فتزوجتُ من رجلٍ مسنٍ وانتقلنا للعيش في مدينة كفرنبل وكلَّي شوقٌ لأولادي الذين لم أرهم منذ فترةٍ طويلة، فما ذنبي لأبتعد عنهم وأتركهم دون أبٍ ودون أم.

(صبحية البيوش)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى