حياة شهيد

جاهد أمام عائلته فأكرمه الله بالشهادة

الشهيد محمد القاسم هو شاب من أبناء بلدة ترملا بريف إدلب الجنوبي، ولد في الأول من شهر كانون الأول عام 1994 واستشهد ولم يبلغ من العمر 22 عاماً.

 

وهو من عائلة بسيطة تتألف من أربعة اشخاص، متزوج وله طفل صغير،

 

نشأ وترعرع في بلدة ترملا، درس في مدارسها المرحلة الابتدائية والإعدادية، وكان مجداً ومجتهداً، ومصمماً على التفوق لتحقيق حلم والديه في الوصول إلى اعلى المراتب.

 

لكن القدر لم يكن في صالح سفينة أحلام محمد وأهله، فقد اضطر لترك مقاعد الدراسة بسبب وفاة والده الذي كان يعمل في الخارج ليضمن قوت عيش عائلته ومستقبل أولاده.

 

وهنا بقيت عائلة محمد بدون معيل لها ما أجبره على ترك دراسته وحلمه، وانطلق للعمل لسد الفراغ الذي سببه وفاة والده، فكان محمد هو الأب والأخ المعيل لهذه العائلة ولم يبلغ من العمر 14 عاماً.

 

ومع سوء الأحوال المعيشية لعائلة محمد وقلة فرص العمل في قريته، اضطر محمد للسفر إلى العاصمة دمشق بحثاً عن العمل، وعمل حينها في محمصة للموالح بأجر زهيد وساعات طويلة لا تتناسب مع احتياجات عائلته وصغر سنه، ولكن بسبب حاجته لهذا العمل أُجبر على الصبر والمكوث فيه طويلاً.

 

ومع انطلاق شرارة الثورة السورية شارك محمد في العديد من المظاهرات السلمية، وخرج مع باقي رفاقه إلى الشوارع ليهتف بأعلى صوته نعم للحرية ولا للظلم، كان إحساس محمد في هذه الاثناء انه قد ظلم لترك دراسته وذهابه للعمل وهو في سنن صغير لعدم وجود قانون يحمي طفولته ويحقق حلمه بعد وفاة ابيه.

 

ومع اشتداد الكرب وإنزال نظام الأسد آلة القتل والدمار وحملات الاعتقال، قرر محمد صاحب السن الصغير والعقل الكبير، العودة إلى قريته ليكون إلى جانب اسرته وأبناء جلدته في هذه المحنة الصعبة، شارك محمد في قريته في العديد من المظاهرات والحراك السلمي، وبعد انتقال هذا الحراك إلى صراع مسلح بين الحق والباطل انضم محمد إلى صفوف الحق وحمل سلاحه في وجه الطاغية وجنوده الذين عاثوا في الأرض فساداً.

 

ومع انطلاق تشكيل كتائب الجيش الحر للدفاع عن الأرض والعرض، انتسب محمد إلى فصيل صقور الغاب، وخاض معه العديد من المعارك في إدلب وحماة وحلب.

 

وفي الحادي والثلاثين من شهر تموز عام 2016، خرج محمد مع رفقاء السلاح إلى مدينة حلب لتلبية النداء لفك الحصار عن المدينة، ليعود محمد في نفس اليوم شهيدا محمولاً على الاكتاف، واصلاً إلى مبتغاه إما الشهادة أو العيش بحرية وكرامة.

 

“عمر القاسم” اخ الشهيد يقول لفرش أون لاين: “ترك اخي الدراسة ولجأ للعمل من اجل مساعدتنا، وبعدها عمل في العديد من الاعمال، وسافر الى دمشق للعمل هناك، كان همه دوما راحتنا وتلبية جميع متطلباتنا، كان خبر استشهاده مؤثراً جداً بالنسبة لي، ولقد ترك في حياتي فراغاً كبيراً، وخاصةً أنه كان بالنسبة لي هو الأب والأخ والسند بعد رحيل والدي، رحمة الله عليهما”.

 

“صديق” الشهيد يقول لفرش أونلاين: “الشهيد محمد يشهد له الجميع لطيبة قلبه، وكرم اخلاقه، نحن نعرف بعضنا منذ الطفولة، لعبنا ودرسنا سويةً، قضينا أجمل الاوقات معاً، كان خبر استشهاده صدمة كبيرة بالنسبة لي، فقد فقدت انساناً عزيزاً جداً على قلبي”.

 

هكذا عاش المجاهد الصغير حياة الشقاء في حياته، اجتهد وجد في مساعدة أهله منذ صغره، فأكرمه الله بأعلى المراتب، وهي الشهادة في ساحة المعارك والدفاع عن الحق.

 

بقلم: حمزة العبدالله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى