غير مصنف

حرب الرايات

عنوان لا يعني أننا عدنا إلى عصور القبائل وغزو كل قبيلة على أخرى، فهم يحترمون أصول القتال وكان لديهم قواعد في الحرب، يتقابلان والفائز في المعركة هو من يكسب الغزو ثم يعود إلى قبيلته منتصراً حاملاً غنائم الغزو تاركاً أهل الديار في مكانهم في خيامهم أو بيوتهم وغيرها فهذا غير مهم، المهم أنها بعيدة عن الأطفال والنساء والشيوخ.

وفي عصر الرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام وفي إحدى المعارك طلب من كل فئة من الجيش رفع الراية الخاصة به والتي تميزه عن غيره، الأبيض والأسود والأخضر وغيرها من كل الرايات والألوية، لكنها كانت في مصلحة أمة ضربت سيوف رجالها مشارق الأرض ومغاربها وكانت سبباً لكسب الحرب، ففيها تتمايز الرجال ويعرف الشديد من المتهاون وأكرر وأقول كلها كانت في مصلحة الأمة الإسلامية في ذلك الحين.

لم تتسبب هذه الرايات يوماً في فرقة القلوب بل كانت سبباً ليظهر كل لواء شجاعته ويبرز على أنه القوي المقدام المدافع عن الدين والأرض وحرمة العرض، اختلفت الرايات ولم تتغير العقيدة، تعددت الألوان ولم تتقلب القلوب فما دام القلب واحد والهدف واحد والعقيدة واحدة لن تفرق بينهم قطعة قماش هي من صنعهم وما عليها من نقوش أيديهم.

لم يعرف ولم يذكر في تاريخ الحروب الإسلامية أن قتلوا طفلاً من غير دينهم أو تهجموا على حرمة منزل لعدوهم ولا حتى أظهروا حكماً جبرياً يحكم بالحديد والنار فقواعد هذا الدين الحنيف واضحة ولا تخفى على المسلمين وغير المسلمين.

لكن وللأسف ماذا حل بوصايا نبينا اليوم كيف أصبح الإسلام كلمة بلا تطبيق وأصبح المسلمون أشد على أنفسهم من عدوهم، أصبحت العقيدة حسب الهوى وأصبح المسلمين سمعاً وطاعة لكل شخص افتى في أمرهم بمعرفة أو بغيرها

أصبحت المشكلة هي الراية التي ترفعها واسم الفصيل والمنطقة التي تتبع لها يكفي أن ترفع علم يمثلك لتجد آلاف الأعداء لك من أشخاص من المفروض أن يكونوا سداً منعياً امام كل من يريد أن يلحق الأذى بك.

فتحديد اسلامك أصبح من اسم فصيلك ولون رايتك وما يكتب عليها، وخروجك من الملة أصبح بكلمة أمير أو قائد فصيل له مطامع في نشوب حرب فصائلية تهدي نظام مجرم ما لم يحلم أن يأخذه في سبع سنوات حرب بأشد وأقوى انواع الأسلحة.

والكثير من الناس يتساءلون لماذا وما الذي حصل واقفين في حيرة من أمرهم مع من الحق ومن الظالم ومن الباغي ومن المرتد ومن ومن ومن؟؟؟

وصل بنا الحال إلى مشارف الهاوية، كيف لا، وقطعة قماش فرقت بين إخوة الدين والسلاح والقضية الثورية، كيف لا واسم الفصيل أصبح هو أكبر هم لدى الكثيرين، كيف لا ومن كانوا في خندق واحد في وجه قوات الاسد وحلفائها أصبحوا كل قابع في خندقه يتربص الآخر ليقتله.

وصلنا إلى هذا الحال حين تخلينا عن مبادئنا الأساسية وتبعنا الفرعيات، كل جهة أصبح لها الشرعي الذي يفتي لها بحسب مصالح الفصيل، بغض النظر عن الهدف الأساسي وهو الوقوف في وجه نظام الظلم والإجرام.

حالنا اليوم: أطفالنا يقتلون بسلاح دفعنا ثمنه آلاف الشهداء، وسلاحنا صوب على قرانا وبلداتنا   وعدد المعتقلين في سجون فصائلنا المتناحرة أصبح لا يقل عن الأرقام المسجلة في سجون نظام الأسد وأصبح الهجوم على المدن والقرى المحررة من قبل فصائلها أمراً اعتيادياً واقتحام البيوت وعدم مراعات حرماتها واستهداف المدنيين امراً سهلاُ فقط عليك ان تضع راية فصيل يملك القوة غلى سيارة دفع رباعي عليها اثار الوحل وبإمكانك ان تفعل كل ما تريد.

كل الفصائل اليوم، اسفي على حالكم وعلى ما وصلتم اليه اليوم تدعون حمل هموم قضية واحدة وأفعالكم تدل على حملكم حقدكم على بعضكم اسفي على افعالكم التي جعلت المدنيين الذين كنتم الحصن الحصين في نظرهم، يفقدون ثقتهم بكم ويلجؤون لتدخل غريب ليخلصهم من منكم.

أسفي على حالكم كيف أصبحت قطعة قماش تفرق بين قلوبكم واسم فصيل هو همكم والسيطرة على قرية أو أخرى هي فتح بالنسبة لكم، أسفي على حالكم في كل وقت وحين أسفي على ما وصلتم وأوصلتمونا اليه.

وأخيراً باسمي وباسم كل مواطن في أرضي المحررة رحلوا لم نعد نريدكم عسى الله أن يمن علينا بجيلٍ يفهمنا ويراعي قضية ثورتنا غيركم.

 

محمد العباس (كفرنبل_إدلب)

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى