تقارير

انتهاكاتٌ مستمرة.. إعلاميو سوريا يعانون لإيصال الحقيقة

يعتبر الإعلاميون في الشمال السوري من العاملين في مجال صعب ويحتاج إلى كونك موضوعياً بشكل تام، ما يجعل الجهات والقوى المسيطرة تركز بشكل أساسي عليهم بسبب السياسيات التي لا تريد هذه القوى إظهارها بشكلها الحقيقي، وهذا يضع الناشط والإعلامي في موقف صعب بسبب السلطة القيادية التي تمنح عناصرها التعامل معهم بشكل قاسي “كالاعتقال والاعتداء بالضرب وانتهاك حقوقهم”، لمنع إيصال صورة واضحة للمجتمع المدني والدولي في المنطقة.

وتعد سوريا من أكثر البلدان التي يصعب على الإعلاميين والنشطاء تغطية الوقائع والاحداث منذ بداية الثورة السورية وحتى اليوم، ويسعى الكثير منهم إلى إيصال تقاريرهم إلى المجتمع الدولي، في حين يرغب آخرون برفع مستوى الوعي على الأرض.

ويخشى الكثيرون أنه من دون عمل الإعلاميين ستظل الفظائع التي تُرتكب من دون توثيق، في حين يعتبر بعض الإعلاميين أن ما يقومون به لأنه لا يوجد أي عمل آخر أثناء الحرب.

موقف الجهات الإعلامية من الانتهاكات

ويقول رئيس رابطة الإعلاميين السوريين “عمر حج أحمد” لفرش أونلاين: “إن مهنة الإعلام هي مهنة المخاطر والانتهاكات في بلادنا ولذلك نستمر بمشاهدة العديد من الانتهاكات والاعتداء بالضرب على الإعلاميين والنشطاء، من كافة السلطات المسيطرة في سوريا”.

وأضاف “حج أحمد”: “أن القوى المسيطرة تمنع الإعلاميين من تغطية الحقائق، واعتقالهم بشكل تعفسي” مشيراً أن الهيئات والروابط الإعلامية تسعى جاهدةً للوقوف في وجه الانتهاك الذي يتعرض له الإعلاميين في سوريا وشمال غرب سوريا.

وأكد أن الفكر السلطوي يطغى على عقول الكثير من القوى المسيطرة في شمالي سوريا القليل منهم يعرف الواجبات المجتمعية والقيادية في حرية الصحافة.

وتابع “حج أحمد” “أن لديهم في رابطة الإعلاميين جلسات متكررة لتكوين هوية إعلامية تضمن حرية العمل الإعلامي وفي نفس الوقت يستمر في التواصل وفتح قنوات حوار وتعريف مع القوى المسيطرة والجهات القانونية كافة لمنع تكرر الاعتداءات بحق الإعلاميين ولكن نواجه صعوبة في تحقيق ذلك الأمر”.

الاعتقال التعسفي للإعلاميين

وتشهد المناطق المحررة والمناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد في شمالي سوريا اعتداءات متكررة وحالات اعتقال تعسفي من قبل السلطات في المنطقة، حيث قامت دوريات أمنية تتبع لقوات سوريا الديمقراطية باعتقال ما لا يقل عن 16 إعلامياً وصحفياً بينهم سيدتين، عبر مداهمة أماكن تواجدهم في مدينة الرقة.

ويعمل الاعلاميون لدى جهات إعلامية ومؤسسات محلية عدة، وقد تمت عملية الاحتجاز عبر جهاز الاستخبارات التابع لقوات سوريا الديمقراطية ووجهت لهم عدة اتهامات دون وجود مذكرة اعتقال.

تعرض النشطاء والإعلاميين للاعتداء

كما تعرض عدد من الناشطين والإعلاميين خلال تغطيتهم لاحتجاجات الكادر الطبي في مشفى الباب، لاعتداء من قبل عناصر الشرطة المدنية بريف حلب الشرقي.

وقامت مجموعة من عناصر الشرطة المدنية في مدينة الباب شرقي حلب، بضرب عدد من إعلاميي الشمال السوري بينهم مراسل راديو فرش “أحمد العبود” أثناء تغطيته احتجاجات الكوادر الطبية في المدينة.

وأظهرت مقاطع فيديو منع الإعلاميين من التصوير وتغطية الاحتجاجات، وسط استنكار كتّاب وناشطون سوريون، وطالبوا بالكشف عن أسماء العناصر المعتدين ومحاسبتهم.

ويقول مراسلنا أحمد العبود، وهو أحد الإعلاميين الذين تواجدوا في مكان الاعتداء في مدينة الباب أثناء التغطية لاحتجاج الكوادر الطبية: ” في صباح يوم الاثنين، توجهت انا ورفاقي الإعلاميين الى المشفى لتغطية الوقفة الاحتجاجية، إلا أنه وعند دخولنا ساحة المشفى اي خارج المبنى، انتظرنا لكي يسمح لنا بالدخول الى المبنى علماً أن الكادر كان داخل المبنى ومتجمعين بانتظارنا ولكن تم منعنا من الدخول الى المبنى من قبل الشرطة بحجة أوامر عليا”.

وتابع العبود: ” فقلنا لهم اجعلوا الكادر يقف في الخارج ليتم تغطية الحدث رغم أنه بحسب الكادر الطبي أنه تم التنسيق مع جميع المسؤولين بخصوص الوقفة إلا أن الشرطة أصرت بعدم دخولنا المبنى وبقائنا عن الباب الرئيسي ضمن الساحة”.

وأردف: “بدأت قوات الشرطة (ضابط وعدة عناصر) تستفز الإعلاميين وتبعدهم عن مكان التصوير، هنا وبدون سابق إنذار بدأت جميع الدورية من الضابط والعناصر ومن بينهم عسكريون بلباس مدني يضربوننا بالقوة ويحاولون اعتقال الإعلاميين ومنهم مالك ابو عبيدة ومالك الخبي ومحمد السباعي وانا كنت من ضمنهم”.

وتابع مراسلنا فجأة خرج الكادر الطبي من ممرضين وأطباء الى خارج المشفى الى مكان المشكلة وبدأت المظاهرة ضد الشرطة تنادي ب”عيفو_عيفو” (اتركوه) لكي تجبر قوات الشرطة على الكف عن ضرب واعتقال الإعلاميين.

ونتيجة للضغط من المتظاهرين الذي هم “الكادر الطبي”، تم إطلاق سراح الإعلاميين، وجرت الوقفة خارج المشفى وتم تصوريها.

وبعد الانتهاء نظم اجتماع من إدارة المشفى ورئيس الشرطة الذي قدم ومعه ضباط آخرين لحل المشكلة مع الاعلاميين في غرفة الإدارة في المشفى.

وتعهد قائد الشرطة وهو برتبة رائد، بتقديم المسيئين للعدالة بعد الاستماع الى شهادة الإعلاميين.

المجال الإعلامي ما بين الماضي والحاضر

استمر نظام الأسد منذ انطلاقة الثورة السورية بمحاربة وإسكات العاملين في المجال الإعلامي حيث حرصت أجهزته الأمنية والاستخباراتية من إسكات الإعلاميين واعتقالهم وقتلهم بسبب تصويرهم للحقائق والوقائع الحقيقة الإجرامية التي تمارس ضد الشعب السوري.

واستطاع نظام الأسد خلال سنوات الثورة وما قبلها إرهاب العاملين في المجال الإعلامي، خاصة بعد قتل واعتقال صحافيين وناشطين كانوا يغطّون الأحداث في مناطق الاحتجاجات والإرهاب الذي كان يُمارس بحق الشعب.

وتوقع العديد من الإعلاميين أن الوضع في المناطق الخارجة عن سيطرة نظام الأسد سيكون آمناً وسيعطيهم الحق في تصوير الحقيقة وتغطية الاحتجاجات لكن بعض الجهات التي سيطرت عليها مارست تصرّفات قمعية شبيهة بالنهج الذي كان يسير عليه نظام الأسد.

ومن المؤسسات التي كانت تمنع الحريات الإعلامية مناطق سيطرة “الجيش الوطني السوري”، كان ضحيتها ناشطون تطرّقوا لانتقاد ممارسات هذا الجيش والمؤسسات والفصائل التابعة له على وسائل التواصل الاجتماعي.

حملات احتجاجية على ممارسات القوى المسيطرة في شمالي سوريا

أطلقت العديد من الجهات والمؤسسات الإعلامية حملات احتجاجية طالبت فيها بوقف حملات الاعتقال التي يتعرّض لها الناشطون بسبب التعبير عن آرائهم، وتسليط الضوء على أخطاء الجهات المسيطرة في الشمال السوري.

ودافعت عن حرية التعبير والرأي الإعلامية، حيث شارك ناشطون وهم يغلقون أفواههم بأيديهم تحت عنوان “لا تكتموا الأصوات”، مطالبين الجهات المسيطرة بوقف الانتهاكات والاعتداءات بحق المدنيين.

ولا يزال الإعلاميين العاملين في المناطق المحررة يوثّقون ما يحصل فيها من انتهاكات، فالانتهاكات في مناطق السيطرة الأخرى لا يرشح منها إلا القليل.

إعداد: حمزة العمور

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى