تقارير

بعد عام على توقيعه مخاوف من انهيار اتفاق موسكو حول الشمال السوري

يعود التصعيد في الشمال السوري ليتصدر المشهد العسكري بالتزامن مع مرور عام على اتفاق موسكو أو ما يعرف باتفاقية الخامس من آذار/مارس.

وجرى توقيع الاتفاق بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين بعد أشهر طويلة من المعارك بين قوات نظام الأسد والمليشيات الموالية لها، وفصائل المعارضة السورية، تمكنت فيها الأولى من السيطرة على كامل طريق دمشق حلب الدولي والقرى والبلدات المحاذية له.

وبالرغم من إبرام اتفاق وقف إطلاق النار إلا أن التصعيد لم يتوقف عن مدن وبلدات محافظة إدلب التي طالها قصف مدفعي وجوي على فترات متقطعة.

وفي ذكرى مرور عام على الاتفاق، نشر فريق منسقو استجابة سوريا تقريره عن عدد الخروقات وما خلفته من خسائر بشرية ومادية.

وفي تقرير للفريق فقد بلغ عدد الخروقات لاتفاق وقف إطلاق النار في الشمال السوري 5453 خرقاً، تشمل القصف المدفعي والصاروخي والطائرات المسيرة، إضافة إلى استخدام الطائرات الحربية الروسية في قصف عدة مدن وبلدات بأرياف حلب وإدلب وحماة واللاذقية.

وأشار التقرير إلى أن وقف إطلاق النار “يعتبر غير مستقر ومهدد بالانهيار في حال عدم التزام القوات الروسية إحدى ضامني الاتفاق”.

مدير فريق منسقو استجابة سوريا المهندس محمد حلاج يقول لفرش أونلاين:”إن عدد الضحايا من المدنيين نتيجة استمرار خروقات وقف إطلاق النار بلغ 19 طفلاً و7 نساء و43 رجلاً و7 من العاملين في المجال الإنساني، كما وشمل الاستهداف البنية التحتية، حيث تم استهداف مركزين للإيواء و15 منشأة تعليمية و2 منشأة طبية و10 مراكز خدمية و11 دور عبادة و4 أسواق شعبية”.

ويعتبر بند تسيير دوريات مشتركة بين الجانبين التركي والروسي على الطريق الدولي حلب-اللاذقية M4 من أهم بنود اتفاق الخامس من آذار (البرتوكول المكمل لاتفاقية سوتشي 2018).

وجرى خلال الأشهر الأولى من الاتفاق تسير عدة دوريات على طريق M4، بالرغم من استمرار خروقات نظام الأسد والقوات الروسية للاتفاق، سرعان ما تم تعليقها.

ويعتبر التصعيد على محافظة إدلب من أبرز الوسائل التي تستخدمها موسكو لابتزاز الجانب التركي بهدف تحصيل مكاسب جديدة في عدة ملفات متشابكة ومترابطة بين البلدين على الساحتين الدولية والإقليمية.

الصحفي والمحلل السياسي عبد الكريم العمر يقول في حديث خاص لفرش أونلاين: “إن وقف إطلاق النار الموقع في شهر آذار من العام الماضي يعتبر إجراء برتوكولي أضيف إلى اتفاقية سوتشي، إلا أن روسيا أحد ضامنيه لم تلتزم به وكانت دوماً تنتهك أي اتفاقية بدعمها الجوي للعمليات العسكرية على المدن والبلدات السورية”.

ويضيف العمر: أن “بند تسيير دوريات مشتركة على طريق M4 تم تعليقه من قبل الجانب الروسي بسبب تذرعها الدائم بوجود عراقيل تعيق تسييرها، وهو ما تعتبره موسكو ورقة رابحة تستطيع ابتزاز الجانب التركي من خلالها”.

وبين العمر أن “تركيا فرضت أمراً واقعاً في محافظة إدلب من خلال إرسال ترسانة عسكرية كبيرة وبناء جدار فولاذي على طول الخط الفاصل بين سيطرة كل قوات نظام الأسد والفصائل الثورية”.   

وأكد العمر أن “جميع الأطراف تنتظر الموقف الأمريكي الذي لم تتضح فيه الرؤية السياسية حيال سوريا بالرغم من تأكيدات الخارجية دعمها للمسار السياسي وفق قرارات جنيف 2254 الرامية إلى تطبيق انتقال سياسي حقيقي في البلاد”.

ويرى العديد من المحللين السياسيين، أن روسيا تهدف من زيادة التصعيد العسكري على الشمال الغربي والشرقي من سوريا إلى “تشتيت الجهود التركية في تحقيق تهدئة مستدامة في المنطقة”.

وخلال الأشهر الأخيرة زاد الجيش التركي من وتيرة انتشاره على طول مناطق التماس الممتدة من جبل الزاوية إلى ريف حلب الغربي، وتم تعزيز القواعد بأسلحة ثقيلة ومنظومات جوية، وبحسب محللين عسكريين “فإن تركيا تهدف إلى قطع الطريق أمام محاولات قوات نظام الأسد والمليشيات الموالية له من تحقيق أي إنجاز وتقدم عسكري من شأنه تشكيل ضغط على حدودها الجنوبية”.

وأواخر العام المنصرم تعرض معسكر تابع للجبهة الوطنية المدعومة تركيا في ريف مدينة سلقين إلى قصف جوي من قبل الطائرات الروسية ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات العناصر، ما اعتبره مراقبون رسالة قوية موجهة إلى الجانب التركي.

وكان المجلس النرويجي للاجئين حذر من موجة نزوح جديدة قد تشهدها سوريا، بسبب “عدم توصل الأطراف الدولية إلى حل سياسي قريب الأفق”.

ووفق تقرير للمجلس: “أرقام النزوح للعام الماضي تشير إلى أن متوسط نزوح السوريين داخل وخارج البلاد يقدر بنحو 2.4 مليون نازح”.

يذكر أن الحملات العسكرية المتتابعة على الشمال السوري بين عامي 2018 و2020 خلفت أكثر من مليون ونصف نازح يعيش غالبيتهم في مخيمات عشوائية تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة ينتظرون ما ستؤول إليه مفاوضات ضامني أستانا وسوتشي.

إعداد: حمزة العبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى