حياة شهيد

حمود جنيد.. جنديُّ وشهيدُ العدسة الذهبية

 

ولد الشهيد حمود الجنيد عام 1980في مدينة كفرنبل، عاش في أسرة فقيرة مكونة من تسعة إخوة، وهو الابن الأكبر للحاج علي الحمود، درس المرحلة الابتدائية والاعدادية في مدينة كفرنبل، وبعدها ترك الدراسة وهاجر إلى لبنان من أجل مساعدة عائلته.

وبعد عودته إلى مدينته التحق بالخدمة العسكرية، وعند انتهائه منها تزوج وأسس حياته، ورزقه الله خمسة أولاد، وبدأ بالعمل في مدينته كعامل بناء وكذلك في الأعمال الحرة لكسب لقمة عيشه.

ومع بداية الثورة وعند ظهور الكتابات على الجدران كان حمود من أوائل الثائرين الذين قاموا بالكتابة على جدران مدينته ضد نظام الأسد، ومن أوائل الذين خرجوا في المظاهرات ضد الأسد، وبعد دخول نظام الأسد واحتلال مدينته كان حمود يقضي أغلب أوقاته خارج المدينة كي لا يتم اعتقاله.

شارك في العديد من المعارك وكان على رأس الثوار الذين حرروا مدينة كفرنبل، وأصيب في إحدى المعارك بالقرب من مدينة معرة النعمان، ومن المعارك التي شارك فيها أيضا معركة تحرير مدينة أريحا.

وكان محباً لعمل الخير ومساعدة المهجرين من المناطق الساخنة في أرياف إدلب وحماة حيث قام بإيواء عدد من العائلات في منزله وقدم المساعدات للعديد من العائلات الأخرى التي كانت تتخذ من المدارس ملجأ لها.

وبعد تحرير أجزاء كبيرة من الريف الأدلبي، انتقل للعمل كناشط إعلامي حيث كان من أوائل الذين وثقوا بعدساتهم القصف الجوي بالبراميل المتفجرة على مدينة كفرنبل، كما وثق بكمرته مئات المجازر وعشرات القصص الإنسانية التي تحكي واقع شعب لم يثنه الموت عن نيل حرية طلبها وشعر بلذتها وأكسبته طعم الانتصار.

وفي إطار عمله كناشط إعلامي سافر حمود الى تركيا وتلقى العديد من الدورات الإعلامية لتمكين نفسه من أداء مهمته بنجاح واحترافية، وبسبب رغبته وحلمه بالعيش في بلد يحكمه القانون والعدل والمساواة بين جميع أطياف الشعب السوري، تلقى العديد من التهديدات من قبل فصائل عسكرية واعتقل في إحدى المرات مع رفيق دربه الشهيد “رائد الفارس” على طريق إدلب أريحا حيث كان الشهيدين متوجهين للتوثيق، وفي عام 2018 تمكنت يد الحقد من اغتياله عبر بضع رصاصات كانت كفيلة بأن يرحل عن هذه الدنيا، في يوم الجمعة الموافق الثالث والعشرين من شهر تشرين الثاني.

“بشار جنيد” شقيق الشهيد يقول في حديث خاص لفرش أونلاين: “كنت أعتبر أخي حمود قدوة لي في هذه الحياة، تعلمت منه الحكمة والصبر، كما تعلمت منه مهنة البناء في سنٍ مبكر، وكان شخص شديد الكرم لدرجة أنه كان يستقبل في كل غرفة من منزله أسرة نازحة، وهو من الأشخاص الذين قل نظيرهم في الثورة السورية”.

“علي دندوش” صديق الشهيد يقول في حديث خاص لفرش أونلاين: “تعرفت على “حمود جنيد” من بداية الثورة في المظاهرات التي كانت تخرج بمدينة كفرنبل، وكان “حمود” طيب القلب وذو شخصية مرحة والابتسامة لا تفارق وجهه، وكان محبوب لدى كل الناس، وقبل استشهاده بليلة بقينا مستيقظين حتى مطلع الفجر، فهو كان أخي الكبير الذي أحبه كثيرا”.

“عبد الله السلوم” صديق الشهيد يقول في حديث خاص لفرش أونلاين: ” يعتبر حمود من الأشخاص الذين حركو هذه الثورة، عبر كتاباته على جدران مدينته المناهضة لنظام الأسد، كان شخص شجاع زاولَ الحراكَ الثوريَّ منذُ ولادتهِ، منذ أيامهِ الأولى، حيثُ كان من أولِ الناشطينَ الثوريين الذين استطاعوا توثيقَ معظمَ الجرائمِ التي ارتكبت بحقِ المدنيين منذُ بدايةِ الحراك”.

يضيف “السلوم”: “كان حمود شخص كريم، وطيب القلب يحب مساعدة الناس، وهو الذي كان يسعى وراء مساعدة المحتاجين فكان لا ينتظر منهم طلب العون هو الذي كان يبادر لتقديم المساعدة، وكنت أعتبره مثال للإنسانية، وقدوة لفعل الخير”.

كان “حمود” أحد الفرسان الذين لا يملكون سوى تلكَ الحناجرَ الذهبيةُ والأيادي المخملية، التي خطت العديدَ من الرسائلِ الساميةِ المناهضة للظلمِ والعنفِ والذلِّ، فهو الجندي المجهول صاحب البسمة العريضة والروح المرحة والقلب الطيب، الذي رافقته بسمته حتَّى آخر أنفاسه حياته الأخيرة.

معاذ الفرحات (كفرنبل_إدلب)

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى