مدونة المرأة

رحيلُ زوجي ترك فراغاً كبيراً في حياتي

أنا أمنة أبلغ من العمر 35عاماً، متزوجة ولدي أربعة أولاد، زوجي يعمل في البناء واستطاع بناء غرفتين بجانب اهله من المال الذي كان يجنيه من العمل.

وكان وضعنا المادي قبل اندلاع الثورة جيداً، ولكن بعد اندلاع الثورة وانتشارها على كافة أرجاء الأراضي السورية، انقلبت حياتنا بالكامل، ففي البداية خرج زوجي في المظاهرات ولكن بعد انتشار قوات نظام الأسد ودخولها إلى القرى والبلدات السورية وأقام الحواجز داخلها، تحول الحراك السلمي إلى كفاح مسلح، بعدها انضم زوجي إلى المجموعة التي تم تشكيلها في البلدة.

 وكانت هذه المجموعة التي انضم اليها زوجي يقطنون في الجبال خوفا على أنفسهم من مداهمة جيش نظام الأسد لمنازلهم.

 بعد ذلك بدأ نظام الأسد يتوعد الثوار الذين اتخذوا من الجبال مسكناً لهم بالمداهمة والقضاء عليهم، وفي صباح أحد الأيام وقبل بزوغ الشمس، سمعنا صوت الدبابات تتجه إلى الجبل، فقام بعض شباب البلدة بالوصول إلى مجموعات الثوار المتواجدة في الجبل وتم اخبارهم عن هذه المداهمة، فقسم من المجموعات علم في هذه المداهمة واستطاع الهرب ولكن يوجد البعض الآخر منهم لم يستطيعوا الهرب، وكان زوجي من بين المجموعة التي لم تتمكن من الهروب والذي تعرض وقتها للإصابة بطلق ناري، فاستشهد على إثرها هو وثلاثة من رفاقه.

وفي تلك اللحظات لم يستطيع سكان البلدة من الذهاب إلى الجبل إلى أن عاد جيش نظام الأسد إلى حواجزه، بعدها خرج جميع أهالي البلدة من بيوتهم إلى الجبل للبحث عن ذويهم وأنا كنت واحدة منهم.

وعندما سمعت بخبر استشهاده لم أقدر على استيعاب هذا الخبر ولم اصدقه وذهبت لأرى وأتأكد بنفسي، وعند وصولي إلى المكان الذي كان به زوجي وبعد رؤيتي لجثته أيقنت أنه قد رحل وفارقنا، ولم أستطيع فعل شيء سوى البكاء.

رحل زوجي تاركا لي أربعة اولاد لا يتجاوز عمر الكبير منهم الـ 10 سنوات، بعد ذلك بقيت في البلدة لمدة سنة، أعيش على صدقات الناس، حتى علمت بوجود مخيم الأرامل ونساء الشهداء فقررت في ذلك الوقت الذهاب اليه لان وضعنا أصبح مأساوي في كل ما تحمله الكلمة من معنى.

وبقيت في ذلك المخيم مدة عامين، حتى تحررت جميع مناطق إدلب، بعدها عدت إلى منزلي الصغير الدافئ، وبدء ولدي الكبير بالبحث عن عمل ووجد عمل في أحد المحلات وانا وجدت عمل في الاراضي الزراعية في البلدة لكي نستطيع العيش.

وكان النزوح يرافق جميع الذين خرجوا ضد نظام الأسد، فبعد الحملة الوحشية الذي يقوم بها نظام الاسد والعدوان الروسي على ريفي حماه وإدلب، نزحت انا وعائلتي إلى بلدة حتان في منطقة قورقانيا بريف إدلب الشمالي.

وفي هذا الوقت ننتظر أن تهدأ الأوضاع ونعود إلى بلدنا ومنزلنا.

ايناس لمحمد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى