حياة شهيد

زهرة من زهور مدينة كفرنبل يقطفها غدر النظام وحقده على شعب طالب بأبسط حقوقه

ولد الشهيد “محمد عبد الكريم السويد” في مدينة كفرنبل في الثلاثين من كانون الثاني لعام 1992، وهو شاب أعزب، درس في مدرسة “اليرموك” المرحلتين الابتدائيَّة والأساسيَّة، ثم انتقل لإكمال دراسته الثَّانويَّة في مدرسة “ذي قار” ولم يكمل دراسته في الجامعات بسبب سوء الأحداث الأمنيَّة وخوف عائلته عليه من أن يعتقله أمن النظام.

عمل محمد مع والده في دكَّان القصابة الَّذي يملكه والده في مدينة كفرنبل ويعتبر وسيلة رزقهم الوحيدة التي يعتاشون من العمل فيه، وكان في صباح كل يوم يتوجَّه مع والده إلى محل القصابة ليتعلَّم مهنة والده وليساعده في العمل.

وكالعادة من كل يوم يستيقظ منذ الصباح الباكر ويتناول الفطور مع عائلته ثم يتوجَّه مع والده وأخيه الأصغر إلى الدُّكان للعمل وكسب لقمة عيشهم، وبعد مضي ساعات من فتحهم الدُّكان والعمل فيه سمع الأهالي صوت طائرة حربيَّة في أجواء المدينة، والتي لم يمضي على تحريرها من قوات الأسد سوى أسابيع قليلة، وبعد دقائق قليلة من سماع صوت الطائرة أغارت على السُّوق الرئيسي في المدينة وخلَّفت عشرات الشُّهداء والجرحى إضافة للدمار الكبير الُّذي لحق بالمنازل والمحالّ التِّجاريَّة.

محمد عبد الكريم السويد كان أحد شهداء تلك المجزرة البشعة بحق الإنسانية والتي لطالما يتذكرها أهالي مدينة كفرنبل لوحشيَّتها وعدد الشهداء الكبير فيها، وسمِّي ذلك اليوم بمجزرة “السُّوق” ليكون تاريخ 28/8/2012 علامة حمراء في مسيرة الثورة السوريّة.

“أم جمعة” والدة الشهيد محمد السويد لفرش أونلاين: “كنت في البيت مع بناتي أجهّز طعام الغداء منتظرين عودة زوجي وولداي إلى البيت، وسمعت وقتها صوت انفجار كبير في المدينة كان ناجماَ عن غارة جوِّيَّة، وكان يبدو من الغبار المنبعث أنَّ الغارة استهدفت السُّوق، لم أتمالك نفسي وخرجت مسرعة لسؤال النَّاس العائدين من المدينة، أخبرني أحد جيراننا أن الغارة قريبة من محل زوجي لكنه لم يكن يعرف أهم على قيد الحياة أو قد استشهدوا؟”.

وتابعت أم جمعة: “بعد قليل أخبرني أحد جيراننا أنَّ ولداي محمد وجمعة قد استشهدوا وبأنَّ حالة أبو جمعة كانت خطرة، وبعد سماعي لذلك الخبر كأن أحداَ ضربني على رأسي، لم أصدِّق وقلت في نفسي أنهم سيعودون كالعادة عند الساعة الثانية ظهراً لتناول الطعام، كان ذلك اليوم أسوء أيام حياتي على الإطلاق، اليوم نعيش أنا وبناتي لوحدنا دون أي معيل لنا سوى الله، وأتمنى ممن يقرأ هذ القصة أن يمد لنا يد العون”.

“محمد التَّعتاع” صديق الشهيد لفرش اونلاين: “كنَّا أنا ومحمد دوماَ نلعب في الحي كرة القدم ونذهب إلى المدرسة ونعود منها سويَّاً، كان محمد رحمه الله صديقاَ وفيَّاَ محبَّاَ للخير، صاحب ابتسامة دائمة”.

 

محمد السويد وردة من أبناء مدينة كفرنبل وأحد شهداء الثَّورة السُّوريَّة، دُفن جثمانه تحت تراب أرض مدينته الّتي أحبَّها، إلّا أنّ ذكراه خُلِّدت في الأذهان، لم يكن وحيداً في حياته ولا حتّى في مماته ولم يسرق الموت تلك الصِّفة منه، رافقه شقيقه وتوأم روحه كما رافقه أباه الّذي لطالما جعل منه قدوة يحتذي بها، ليتساوى الابن والأب في المرتبة العليا بين المراتب، ألا وهي الشهادة.

عبد الكريم المحمد ( ادلب, كفرنبل)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى