مدونة المرأة

صبحية الخضر تسعى دائماً من أجل مساندة زوجها

صبحية الخضر (23 عاماً) والملقبة بأم عبدو من بلدة حاس بريف إدلب الجنوبي متزوجة ولديها طفلة وحيدة، درست في مدارس بلدتها، وحصلت على شهادة الثالث الثانوي، درست في قسم الرياضيات بمعهد البارة بسبب أوضاعها المادية الصعبة والتي منعتها من الدراسة في جامعة ادلب والتي تتطلب أقساطاً سنوية أكثر من المعهد وتخرجت من المعهد بتقدير ممتاز بعد أن تزوجت من أحد أقربائها وتقول:


“بعد حصولي على شهادة الثالث الثانوي لم يسمح لي والدي بالذهاب إلى الجامعة بسبب المصاريف المكلفة لذلك قمت بالتسجيل بمعهد البارة المتوسط لكي أكمل دراستي التي أحلم دائماً في تحقيقها، وفي السنة الثانية من الدراسة تزوجت من ابن عمتي، وانهيت دراستي في المعهد وحصلت على الشهادة” وتضيف صبحية الخضر:
“بدأت التدريس بالوكالة في بلدة كفرومة المجاورة لبلدتي وكان مدة التدريس خمسة أشهر، وبعدها أقامت منظمة وطن مسابقة في مدرسة كمال قلعة جي المتواجدة في البلدة من أجل اختيار معلمين للتدريس في المدرسة، شاركت بالمسابقة، وتم قبولي ومن ثم بدأت التدريس في البلدة، وكانت فرحتي لا توصف بهذه الوظيفة استمرت منظمة وطن مدة سنة في البلدة ثم انتهى كل شيء بحملة النظام الظالم على ريف إدلب الجنوبي”.


تقع بلدة حاس بريف إدلب الجنوبي وتجاورها بلدة كفرومة من الشرق ومدينة كفرنبل من الغرب، ويبلغ عدد سكان البلدة 25ألف نسمة جميعهم أجبروا على التخلي عن منازلهم بسبب الحملة الشرسة التي شنها نظام الاسد وحليفته روسيا على مناطق سيطرة الفصائل الثورية بريف إدلب الجنوبي، الأمر الذي تسبب بتقدم بري لجيش الأسد على حساب الفصائل لعدة كيلو مترات تسبب بسيطرته على مسقط رأسها.


أدت الحملة الشرسة التي نفذها نظام الأسد بمساندة العدوان الروسي وقصف جميع مناطق ريف إدلب الجنوبي بجميع أنواع الأسلحة، إلى استشهاد مئات المدنيين، ودمار في المنازل والممتلكات، وإغلاق المدارس ونزوح جميع سكانها إلى ريف إدلب الشمالي الذي يعتبر أكثر أمناً.


تصف صبحية تهجيرها إلى الشمال قائلة: “بعد أن قامت هذه الحملة تم إغلاق المدارس، ونزحنا من البلدة بسبب القصف الهمجي على البلدة واستقرينا في مدينة كفر تخاريم وبدأ زوجي بالبحث عن مكان لكي نسكن ولم يجد إلا شقة غير مكسية”.


تقع مدينة كفر تخاريم بريف إدلب الشمالي، ويحدها من الشمال مدينة حارم ومن الغرب مدينة سلقين، نزح إليها أكثر من 3000آلاف مدني.


بعد أن نزحت صبحية من بلدتها واستقرت في مدينة كفر تخاريم في شقة غير مكسية قامت هي وزوجها بتنظيفها وتمديد المياه والكهرباء لها والصحية حتى أصبحت مقبولة للسكن فيها، وتقول:


“بعد نزوحنا إلى المدينة وجد زوجي شقة على العظم غير مكسية قمنا أنا وزوجي بتنظيف الشقة وقام زوجي بتمديد الصحية لكي نستطيع السكن بها وبعد تجهيز وضعنا بشكل كامل واستقرارنا في المدينة بدأت البحث عن عمل”.


بدأت صبحية تبحث عن عمل لكي تساعد زوجها في مصروف المنزل بعد غلاء غير طبيعي شهدته مناطق شمالي سوريا، كان زوجها يعمل سابقاً في محل لبيع لحوم الأغنام، ولكن بعد النزوح بدأ يعمل في تنظيف الشقق الغير مكسية وتمديد المياه حتى يستطيع تأمين حاجيات المعيشة.


محمد العبد يبلغ من العمر 27عاماً زوج صبحية يقول: “النزوح قد غير أوضاعنا كثيراً لقد تخلينا عن منزلنا وجميع ممتلكاتنا وأصبح تأمين العمل للرجال صعب كثيراً، بدأت العمل في تنظيف الشقق الغير مكسية وكانت أم عبدو تذهب لحضور دورة مشاريع صغيرة في منظمة “أورنج”، فهي تحاول في جميع الوسائل أن تبحث عن عمل لكي تساعد الأسرة”.


علمت صبحية عن طريق المجلس المحلي إعلان لمنظمة “أورنج” عن انطلاق دورة إعداد مشاريع في المدينة وكان مدة التدريب عشرة أيام ومن خلال هذه الدورة تقوم بدراسة مشروع ومن ثم تقدمه للمنظمة وتقوم المنظمة بدراسة المشروع من جميع الجوانب وعندما تتوفر الشروط المطلوبة يتم قبول المشروع أو رفضه، وإذا تم قبول المشروع تقدم المنظمة مبلغاً من المال قدره 1200دولاراً لشراء مواد أولية.


تقول صبحية “عندما علمت بهذه الدورة شاركت بها وقمت بتقديم مشروع أنا وأربع زميلات، وكان المشروع بعد الدراسة معمل منظفات قمنا بتقديمه للمنظمة، وبعد مدة عشرة أيام جاءت النتيجة برفض المشروع، ولكن هذا لم يضعف عزيمتي أبداً”.

فاطمة الزياد تبلغ من ال عمر24عاماً أحد صديقاتها تقول: “صبحية على الرغم من صغر عمرها إلا أنها تسعى دائماً من أجل مساعدة زوجها، شاركت في دورة المشاريع ولم يحالفها الحظ وقبول مشروعها، ولكن لم تضعف عزيمتها أبداً حتى بدأت تعمل في شهادتها في بيتها”.


لم تستسلم صبحية، بدأت بعمل جديد وهو التدريس الذي يدخل ضمن اختصاصها وتقول: “لقد قمت بتنزيل إعلان على الحالة في برامج التواصل مفاده أنني سوف أنفذ دورة للرياضيات لشهادة التاسع، وشاركتني ابنة عمي وهي طالبة في الصف التاسع الإعلان وأخبرت صديقاتها على هذه الدورة وفي البداية بدأ الحضور خمس طالبات وبعدها بدأ العدد يزداد حتى وصل إلى 15طالبة وكان التعويض من كل طالبة 5000ليرة (5$) أنا سعيدة بهذه الدورة لأن الرياضيات هو الفرع الذي درسته وأرغب به”.
أمون تبلغ من العمر 50عاماً والدة صبحية تقول: “ابنتي دائماً صبورة ومجدة في كل عمل تقوم به، كنت أقف بجانبها في كل ظروفها لأنها تستحق مني كل التشجيع على العمل”.


صوت طرقات خفيفة على باب منزلها المصنوع من الخشب الرديء، تنادي على صبحية، حلا (اسم مستعار) وهي إحدى طالباتها دخلت وألقت التحية وطلبت من آنستها السماح بتأجيل موعد درس اليوم بسبب ظروف خاصة بها وتقول واصفة معلمتها:
“الآنسة صبحية لا نعتبرها إلا أختاً لنا ومربية قبل أن تكون أستاذتنا، تعاملنا كذلك وتحاول جاهدة إعادة الدرس في حال تأخر فهمنا له، نشكرها”.


وفي الختام تقول صبحية “الله لا ينسى خلقه، سوف أسعى دائماً من أجل مساعدة زوجي وأدعوا الله العودة القريبة إلى بلدتي حاس”.
إعداد: كادر موقع فرش أونلاين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى