تقارير

عامان على أكبر حملة عسكرية في تاريخ الثورة السورية أكثر من مليون نازح وسط ظروف إنسانية صعبة

انطلقت الحملة العسكرية لقوات نظام الأسد والقوات الروسية على الشمال السوري منذ ما يقارب العامان، التي استمرت من 25 نيسان من عام 2019، حتى 5  آذار من عام 2020، الأمر الذي فاقم الأوضاع الإنسانية وأدى لنزوح المدنيين إلى آخر مناطق المعارضة شمالي سوريا.

ولم تكن تلك الحملة سوى استكمال لسياسة نظام الأسد على مر السنوات الماضية في مختلف المناطق السورية، حيث قصفت ودمرت العديد من المدن والبلدات وهجرت آلاف  المدنيين.

وتعتبر الحملة الأخيرة لقوات نظام الأسد والقوات الروسية بأنها الأكبر منذ اندلاع الثورة في الشمال السوري، نظراً لحجم المعاناة التي سببتها وخاصةً تهجير المدنيين، وبحسب مصادر أممية فإن موجة النزوح الاخيرة تعتبر الأكبر في تاريخ القضية السورية.

مدير فريق منسقو استجابة سوريا يوضح لفرش أونلاين  نتائج الحملات العسكرية المتتابعة على منطقة خفض التصعيد الرابعة، يقول المهندس محمد حلاج :” إن الحملة العسكرية الأخيرة على مناطق شمال غرب سوريا تعتبر الأكبر في تاريخ الثورة، ونتج عنها كارثة إنسانية صعبة بكل ما تعنيه الكلمة”.

ويضيف “حلاج”، إن الحملة أدت إلى نزوح ما يزيد عن المليون مدني من أرياف حماة وإدلب وحلب، توزع غالبيتهم في المخيمات العشوائية وقسم آخر بقي في العراء وقسم فضل الاستقرار في المدن والبلدات الآمنة إلى حد ما.

وتسببت حملات القصف المكثف على المدن والبلدات في منطقة خفض التصعيد قبل سيطرة قوات نظام الأسد والمليشيات الموالية له بتخريب ممنهج للبنية التحتية.

وفي إحصائية سابقة نشرها فريق منسقو الاستجابة للأضرار التي لحقت في البنية التحتية منذ شهر نوفمبر وحتى تاريخ الخامس من آذار، تبين وجود أضرار مادية كبيرة، وبحسب الإحصائيات فإن المنشآت الطبية والتعليمية ومراكز الدفاع المدني كان لها الحصة الأكبر من الاستهداف ويليها دور العبادة والمخابز والأسواق الشعبية في مسعى مدروس لتفريغ المنطقة من ساكنيها، كما يقول “حلاج”.

خروقات نظام الأسد المستمرة لاتفاقات خفض التصعيد

لم يلتزم نظام الأسد بأي اتفاق لخفض التصعيد، حيث قامت قواته بخروقات عديدة من قصف جوي ومدفعي على المناطق المحررة في ذلك الوقت.

ولم تكتفي قوات نظام الأسد بتلك الخروقات، وأطلقت حملتها العسكرية بدعم من القوات الروسية على مناطق الشمال السوري، لتكون أولى هجماته على ريف حماة الغربي وعدة مناطق بسهل الغاب، لتعلن كل من تركيا وروسيا عن وقف لإطلاق النار في 1 آب 2019، سرعان ما تم نقصه من قبل الأخيرة.

وكعادتها اعتبرت قوات نظام الأسد، ذلك الاتفاق إعلاناً شكلياً لإعادة هيكلة صفوفها، لينتقل الهجوم بعد ذلك نحو مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي ليتم السيطرة عليها في شهر آب، وعلى كامل ريف حماة الشمالي.

وواصل نظام الأسد هجماته باتجاه ريف إدلب الجنوبي بدءً من مدينة معرة النعمان والقرى المجاورة لها، واستمرت المعارك حتى انتهت بسيطرته على المدينة بعد حملة قصف عنيفة بدعم من حليفه الروسي في نهاية شهر شباط من عام 2020.

وبعد سيطرة نظام الأسد على معرة النعمان كثف هجماته شمالا باتجاه مدينة سراقب عقدة التقاء طريقي دمشق حلب، وحلب اللاذقية، وسيطر عليها للمرة الأولى، واستمر في التقدم شمالاً على الطريق الدولي دمشق حلب حتى سيطر على كامل ريف حلب الجنوبي وأجزاء كبيرة من ريف حلب الغربي والشمالي الغربي والذي يضم عدة مدن وبلدات.

وتسببت الحملات العسكرية المتتابعة على منطقة خفض التصعيد الرابعة بمقتل ما يزيد عن 500 مدني وإصابة المئات.

الصحفي والمحلل السياسي عبد الكريم العمر يقول في حديث خاص لفرش أونلاين :”إن روسيا لم تلتزم بأي اتفاقية حول سوريا، وكانت من السباقين لنقض أي اتفاقية واتهام فصائل المعارضة بعدم الالتزام والمسارعة إلى إطلاق العمليات العسكرية ودعم آلة الأسد العسكرية”.

ويضيف “العمر” إن اتفاقيات خفض التصعيد في مؤتمر أستانا كانت خنجر مسموم في ظهر الثورة السورية وتسببت بتهجير مئات الآلاف من المدنيين من مناطق مختلفة.

وأشار “العمر” إلى أن اتفاقية سوتشي كان من المقرر لها إبقاء منطقة خفض التصعيد الرابعة في الشمال السوري هادئة بعيدة عن التوتر والتصعيد، إلا أن روسيا وكعادتها خلقت الذرائع والمبررات الخاصة بها ونقضت تلك الاتفاقية.

ويرى “العمر” أن تركيا وبعد شعورها بعدم التزام روسيا  بالاتفاقيات الخاصة حول إدلب سارعت إلى الزج بقوات عسكرية كبيرة لفرض أمر واقع، وتجلى ذلك من خلال التعزيزات المستمرة وإنشاء قواعد عسكرية دفاعية وهجوميه على طول الخط الفاصل بين مناطق سيطرة نظام الأسد والمعارضة السورية.

وتعتبر موجات النزوح التي شهدها الشمال السوري خلال الحملة العسكرية لنظام الأسد بأنها الأكبر بتاريخ سوريا، حيث أجبر أكثر من 1,182,772 مدنياً على ترك منازلهم  خلال عام 2019، فيما بلغ عدد النازحين منذ تشرين الثاني حتى 2019 حتى نهاية شباط 2020 أكثر من 1,037,890 شخص.

وتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في 5 آذار 2020، بعد أن سيطر نظام الأسد بدعم من حليفه الروسي على أجزاء واسعة من شمال غربي سوريا.

يبقى الخوف من المجهول شعوراً وهاجسا لملايين المدنيين في ما تبقى من محافظة إدلب في ظل عدم ثقتهم بأي اتفاقيات سياسية كونها كانت سبباً أساسياً في تفاقم الأزمة الإنسانية وعدم الثقة بالجانب التركي بعد إطلاقه للعديد من الوعود لمئات الآلاف من النازحين بإعادتهم إلى مدنهم وبلداتهم التي ترزح حالياً تحت سيطرة نظام الأسد.

إعداد حمزة العبدالله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى