تقارير

مدارس مدمرة وتوقف للدعم أسباب تهدد آلاف الطلاب من إكمال مسيرتهم التعليمية في جبل الزاوية

يسير عشرات الطلاب والطالبات من تلاميذ قرية “المغارة” بريف إدلب الجنوبي يومياً أمام مدرستهم المدمرة بفعل القصف الذي تعرضت له من قبل طائرات الاحتلال الروسي، ليكملوا الطريق إلى أحد الأبنية المجاورة التي تحولت إلى مدرسة بديلة كحل إسعافي أوجدته السلطات المحلية في القرية لإكمال تحصيلهم العلمي.

في الوقت الذي يقضي فيه طلاب المرحلة الإعدادية نحو ساعة من الزمن للوصول إلى بلدة “مرعيان”، كون أن القرية لا تحتوي إلا على مدرسة واحدة.

يقضي الطلاب نحو ساعة للوصول إلى صفوفهم وسط ظروف مناخية ودراسية “قاسية”، مع توقف الدعم عن المدارس ونقص في الكوادر التعليمية نتيجة نزوح عشرات المعلمين إلى مناطق أكثر آمناً.

وتمر العملية التعليمية في منطقة جبل الزاوية بالعديد من الصعوبات والتحديات التي تهدد آلاف الطلاب من إكمال مسيرتهم التعليمية.

يقول الأستاذ محمد عتيق مدير المجمع التربوي في “أريحا” لفرش أونلاين: “إن توقف الدعم والتمويل عن مدن وبلدات جنوبي إدلب وخاصة عن القطاع التعليمي يعتبر من أهم الأسباب التي تهدد بضياع مستقبل آلاف الطلاب، كما أن القصف المستمر على عدة بلدات قريبة من خطوط التماس مع قوات نظام الأسد يحرم المئات مما يضطر الأهالي إلى إرسال أطفالهم إلى مدارس البلدات المجاورة”.

ويضيف “عتيق”، إن عدد المدارس في جبل الزاوية 83 مدرسة، منها ١٦ مدرسة دمرت بالكامل و٦ مدارس بشكل جزئي، إضافة لـ ٥٥ مدرسة بدأ الدوام فيها بشكل فعلي و٦ مدارس فتحت أبوابها جزئياً. تضم هذه المدارس ٢٤٨٨٧ طالباً وطالبة يشرف عليهم ١٥٤٠ مدرساً منهم ٨٩٢ مدرساً يعمل بشكل تطوعي.

                مدارس مدمرة.. من يعيد بنائها

تسببت الحملة العسكرية الأخيرة لقوات نظام الأسد مدعومة بالطائرات الروسية إلى تدمير عدد من المدارس في جبل الزاوية ما انعكس سلباً على آلاف الطلاب في المنطقة مع بداية العام الدراسي الجديد هذا العام.

وبالرغم من تواجد آلاف العائلات في مدن وبلدات الجبل إلا أن الدعم المقدم من قبل المنظمات الإنسانية يعتبر خجولاً وغير كافي، وهو ما انعكس على القطاع التعليمي.

وبالرغم من الصعوبات قرر القائمون على العملية التعليمية في جبل الزاوية الاستمرار، حيث حول المجلس المحلي في قرية “المغارة” بناء “البلدية” إلى مدرسة ابتدائية كحل إسعافي نتيجة انعدام البدائل، إلا أن البناء الجديد لا يمتلك أياً من مقومات الدراسة.

وتساءل هيثم الأسعد (رئيس المجلس في القرية) عبر صفحته في الفيس بوك “هل يعقل أن يبقى أطفالنا دون مدارس، علماً أن تكلفة ترميم المدرسة الوحيدة في القرية أقل من كلفة شراء سيارة”.

ويقول أحمد الأسعد (مدير المدرسة في المغارة) لفرش أونلاين: “إن عدد الطلاب في العام الماضي، قبل تعرض المدرسة للقصف من الطائرات الحربية، بلغ نحو 600 طالب وطالبة، في حين تقتصر العملية التعليمية هذه الأيام على الحلقة الأولى”.

ويصف “الأسعد” التعليم في بلدات الجبل بأنه يمر بحالته “الأسوأ” خاصة فيما يخص المرحلتين الإعدادية والثانوية. إذ لم نستطع تأمين مكان بديل عن المدرسة، كذلك تأمين متطوعين من الكادر التعليمي بعد توقف الدعم عنهم.

ويضيف “الأسعد” إن نسبة كبيرة من المعلمين باتوا يبحثون عن مصدر رزق لتأمين قوتهم، إلا أنهم مستمرون في التدريس تطوعاً بما يتناسب مع عملهم الجديد.

وكانت مدرسة المغارة قد تعرضت للاستهداف ثلاث مرات، إحدى الاستهدافات أفقدت القرية جيلاً كاملاً من طلاب الصف الثامن الإعدادي، أما آخرها فقد أدى لتدمير المدرسة بشكل كامل.

يبقى الأهالي في القرية عاجزين عن الرد على تساؤلات أطفالهم حول مدرستهم المدمرة وحرمانهم من التعلم.

ويقول حسين الخضر (مدرس في المدرسة) لفرش أونلاين: “إنه وفي كل صباح يشاهد أطلال المدرسة المدمرة خلال ذهابه مع عدد من الطلاب الذين يلتقون حوله إلى (المدرسة البديلة)، ترافقه أسئلة الطلبة وتساؤلاتهم التي تتمحور عن “متى سنعود إلى مدرستنا”.

ويضيف “الخضر” إنه لا يملك إجابة شافية للرد على الطلبة ويكتفي بعبارات وجمل تريحهم وهو يتابع طريقه ناظراً إلى عشرات الطلاب من الحلقة الإعدادية وهم في طريقهم للوصول إلى البلدة المجاورة.  

         وقف الدعم يهدد مئات المدارس بالإغلاق

بحسب العديد من الدراسات والتقارير الصحفية فإن واقع التعليم في الشمال السوري يمر بأسواء مراحله بل أنه يعيش “اختناقاً” بعد توقف الدعم عن ثلثي المدارس منذ مطلع العام المنصرم، يضاف إلى ذلك الازدحام في المدارس المدعومة ونقص في الكوادر التعليمية بعد دمار قسم من المدارس.

وفي لقاء سابق قال حسن الشوا مدير مديرية التربية والتعليم بمحافظة إدلب إن أكثر من 850 مدرسة مهددة بالإغلاق، وبالتالي حرمان نحو ثلاثمائة وخمسين ألف طالب من التعليم في محافظة إدلب.

وتعتمد المدارس التي توقف عنها الدعم على مدرسين متطوعين أخذوا على عاتقهم متابعة الدروس ولمدة ثلاث ساعات يومياً، بحسب حسين الخضر الذي قال إن هذه التجربة وجدت صداها في ثلاث مدارس بجبل الزاوية.

يذكر أن القصف الأخير على مدن وبلدات جبل الزاوية أدى إلى خروج العديد من المدارس عن الخدمة في الوقت الذي تقطن فيه آلاف العائلات مع أطفالها في مدنهم وبلداتهم بعد عودة جزئية لهم بعد نزوح أستمر أشهر، وتشترك جميع المدارس بمصير مشابه “عجز مؤسساتي وتوقف للدعم يقابله واقع اقتصادي سيء”، ما ينذر بحرمان آلاف الطلاب من إكمال مسيرتهم التعليمية الأمر الذي يهدد بضياع مستقبل جيل كامل.

إعداد حمزة العبدالله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى