غير مصنف

يومُ الحصاد..!

إنه قادم من أجلنا…. يوم الحصاد

جاء الطيف الأسود الباهت في هذه الأيام المباركة على شكل طائرة مدجّجة أو آلة موت ذات مراوح وبرميل متفجرة، وبصوت مرعب وقوي يقول لنا استعدوا فإنه يوم الحصاد.

غارات جوية من مئات الطائرات الشيوعية، براميلٌ وحاويات أو ربما خزانات مياه متفجرة تتساقط على رؤوسنا، مئات القتلى نحتسبهن شهداء عند الله، مئات الجرحى مقطعة أوصالهم يناجون الله، يكبرون ويهتفون لا لذل الروس لا لذل النظام تباً للشيعة تباً لإيران، أصواتهم تتعالى مع تزايد الغارات والبراميل والخزانات.

بضعة آلالاف من المهجرين، حفاة عراة خرجوا من بيوتهم منهم من تهدم بيته فوق رأسه، يرفضون أن تخطو قدم المحتل أرضهم، يناجون الله ويبكون أثناء ذلك، فهم على مدار ثمانية سنوات مريرة لم يدركوا غير ذلك.

أجواء حرب معتمة نعيشها الآن، بذلك الظل المقيت الأسود، مع حصاده مع دماره نعيشها.

يخرج جنود الظالم ويهددون ويتعالون على الله قولاً، يكفرون ويشتمون ويقولون “اليوم بإذن الله سنشرب التمر الهندي في كفرنبل” وكأنهم عرفوا الله يوماً، أما المضحك المبكي في الأمر أنه كلما شاهدنا فيديو لعسكري أجرب البشرة أسود اللون يهدد بذبح المدنيين وهتك حرمتهم، لم نبت إلا وشاهدناه جثة خلت من معالمها خشوع الموتى تحت نعل مجاهد يكبر ويقول” أتريد أن تفطر في كفرنبل، الآن فطورك في جهنم”.

قد عانيت الكثير مع صغر سني، تغربت وتخلى العلم عني، لم ترضى عني حياتي، فكنت في كل يوم أشهد غارةً أو غارتين أو ربما قذيفة مدفع فينجيني الله منها.

أما في هذا اليوم الإثنين 2019/5/13، الموافق للثامن من رمضان، شهدت الموت حياً، وأراني الطيف الباهت اسمي في مجلد الحصاد، كالعادة طائرة تابعة للعدوان الروسي لكن وبنكهة مختلفة قرر هذا الطيار أن يرمي رزقه فوق حيينا بقرب منزلنا المتهالك أصلا، وبغارتين حمانا الله من شرهما، أردى الطيار حيي قتيلاً بهمنا، وكأنه يقول لن ننسى.

موقع التنفيذ

ركام يملأ الشارع سيارات وشاحنات مفحّمة، رجال يركدون من هنا إلى هنا ثم يعيدون الكرة، نساء تبكي وتنتحب صراخ أطفال وأعمدة نار ودخان في تصاعد، مشهد يستحيل على أي عاقل نسيانه، بمجرد رؤيته يخيل لك أن البشرية تموت هنا.

وفي وسط الفوضى والضجيج، لفت انتباهي حائط كان مكتوب عليه “عبثاً تحاول لإفناء لثائرٍ”، هدم كل ما حوله ولم يخدش.

تلك الكلمات البسيطة التي نحتت على الحائط الصامد، لم تكن بضع كلمات خطتها منظمة خيرية أو ثورية فحسب، بل كانت مبدأً في قلوب الشهداء والجرحى والمهجرين وحتى النساء التي تبكي والرجال الحيارى، في قلب كل واحد منهم كانت هذه الكلمات تمثل الأمل لسقوط الطاغية منذ السنة الأولى للثورة.

فمهما قصفت وضربت وحطمت وقتلت لا تحاول فلا فناء لثائرٍ.

محمد الموسى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى