تقارير

أزمة بنزين متفاقمة في إدلب ولا حلول قريبة

يضطر آلاف المدنيين في محافظة إدلب للوقوف في طوابير طويلة أمام محطات الوقود من أجل تعبئة دراجتهم النارية (الوسيلة الأكثر استخداماً للتنقل) بعشرين ليرةٍ تركية “فقط” من مادة البنزين شبه المعدودة منذ أكثر من 10 أيام عند توفر كميات منها، وسط تفاقم الأزمة بشكل كبير وغياب الحلول من قبل الجهات المسؤولة، وإغلاق عشرات المحطات لأبوابها بوجه المدنيين.

وتسبب انقطاع المادة بشلل كبير إذ يعتمد 90% من السكان على الدراجات النارية في تنقلهم داخل المناطق السكنية أو من منطقة إلى أخرى بسبب طبيعة أعمالهم التي تتطلب قطع مسافاتٍ معينة.

كيف تأثر المدنيين من انقطاع مادة البنزين في إدلب؟

يقول المعالج الفيزيائي، علي إبضال لفرش، إن عمله تأثر بشكل كبير جراء أزمة البنزين المتواصلة منذ أكثر من أسبوع، وإنه اضطر إلى إلغاء الجلسات العلاجية المنزلية لمرضاه بسبب ركن درجاته النارية في المنزل، وهو ما انعكس سلباً عليه وعلى مرضاه.

وأضاف، أن عمله ضمن المركز الذي يديره مع زوجته تأثر كثيراً إذ أنه في السابق كان يقدم الجلسات العلاجية لأكثر من 10 مرضى يومياً، لكن انخفض هذا العدد إلى أقل من النصف بسبب انقطاع البنزين، ليقل بذلك الدخل المالي الذي يجنيه.

وأوضح، أن الظروف المعيشية في إدلب صعبة أصلاً وتزداد صعوبة بالنسبة له حيث أنه خسر الكثير من مرضاه الذين يعالجهم بسبب أزمة البنزين، مشيراً، أن عمله في العلاج الفيزيائي يساعده في تأمين احتياجات منزله، وأنه في حال عدم عمله ستتراكم عليه الديون بسبب انخفاض ما يكسبه من ماله جراء خدماته الطبية التي يقدمها للمرضى.

حالة (علي) تنطبق وتتشابه مع حال مئات آلاف المدنيين في محافظة إدلب الذين يعيشون في ظل ظروفٍ اقتصادية ومعيشية قاسية وتزداد قساوة جراء أزمة البنزين، خاصةً وأن الآلاف منهم توقفت أعمالهم في هذه الفترة.

من جانبه، قال محمد أبو النصر (عامل في ورشة لصيانة الدراجات النارية) لفرش، إن العمل في الورشة تراجع كثيراً بسبب أزمة البنزين لا سيما أن غالبية المدنيين باتوا لا يستخدمون دراجاتهم في التنقل ما أدى إلى تراجع الأعطال التي تلحق بها (المواتير) كما يسميها سكان المحافظة.

أزمة متفاقمة ولا حلول في الأفق

تتفاقم أزمة البنزين في محافظة إدلب يوماً تلو الآخر بسبب عدم توفر المادة في الكازيات التابعة لحكومة الإنقاذ منذ 10 أيام تقريباً الأمر الذي انعكس سلباً على مستخدمي الدراجات النارية الذين ركنوا درجاتهم جانباً وباتوا يستخدمون وسائل المواصلات الأخرى.

يقول محمد العلي (سائق دراجة يعمل في التوصيل) لفرش: “لقد ركنت دراجتي في المنزل منذ 10 أيام جراء عدم توفر البنزين في مدينة سلقين، وتضرر عملي بشكل لا يوصف كوني أعمل في خدمة التوصيل بين القرى والبلدات القريبة”.

وأضاف، أنه كان يُوصل 3 أشخاص يومياً على دراجته ويكسب مصروفه اليومي، لكن في ظل أزمة البنزين بات عاطلاً عن العمل وينتظر عودة توفر المادة مجدداً.

وأوضح، أنه فضل عدم العمل في هذه الأزمة كي لا يستغل المواطنين، قائلاً: “إنه يستطيع استئناف عمله وتعبئة دراجته بالبنزين (المكرر) وبالتالي سترتفع أجرة التوصيلة على الركاب وهو ما لا يحبذه في ظل الظروف المعيشية القاسية التي تعصف بالمنطقة”.

ويختلف سعر لتر البنزين (المكرر) من منطقة إلى أخرى ومن بائع متجول إلى آخر، حيث يباع اللتر منه بما يفوق الثلاثين ليرة تركية أي ما يفوق سعر اللتر الممتاز من المادة، ويضطر الكثير من المواطنين إلى تعبئة دراجاتهم النارية من تلك المادة في ظل انقطاع الصنف الممتاز بسبب الحاجة إلى استئناف أعمالهم وتنقلاتهم.

ويشتكي المواطنين من عدم قدرة حكومة الإنقاذ في إدلب على حل مشكلة انقطاع البنزين حتى الآن فيما تتهم شريحة منهم الحكومة والشركات المتعاقدة معها بالتسبب بتلك المشكلة، خاصةً أنها المرة الأولى التي تطول بها تلك الأزمة وتتكرر لمرتين متتاليين خلال شهرين، حيث شهدت المحافظة الشهر الماضي، أزمة مماثلة استمرت لقرابة أسبوعين.

حاولت راديو فرش التواصل مع هيئة “المشتقات النفطية” في الحكومة للحصول على توضيحات حول أسباب الأزمة والإجراءات التي تعمل عليها الإنقاذ من أجل حل المشكلة لكنها لم تتلقى أي جواب من قبل المعنيين حتى لحظة إعداد التقرير.  

ما هي أسباب الأزمة؟

بحسب ما قاله المدير العام لـ “المشتقات النفطية” التابعة لحكومة الإنقاذ في إدلب لوكالة “أنباء الشام” المحسوبة على الأخيرة، فإن السبب الأساسي لأزمة البنزين يرجع إلى عدم التزام الشركة الموردة الوحيدة بتسليم الطلبيات وتعذرها بـ “اضطراب العقود المبرمة مع الشركات المصدرة في نهاية العام ونفاذ الكميات وتراجع قدرتها على الشراء من السوق العالمية بسبب الطلب الكبير على المادة”.

تلقي أزمة البنزين بظلالها الثقيلة على سكان محافظة إدلب وكأن كل مشاكلهم لا تكفي لتضاف مشكلة جديدة تفاقم معاناتهم الإنسانية في ظل ظروف قاسية وصعبة تزداد بفعل الفقر وارتفاع معدلات البطالة وتراجع نسب الاستجابة الإنسانية.

إعداد: حمزة العبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى