تقارير

الشتاء يفاقم معاناة النازحين في مخيمات شمال غربي سوريا  

“نستيقظ مساءً على تدفق ودخول مياه الأمطار إلى خيامنا البالية والقديمة، تتكرر هذه الحالة مع كل هطول مطري، فمنذ سنوات لم يتم استبدال الخيام المهترئة رغم مناشداتنا في كل شتاء”، بهذه الكلمات تبدأ “أم خالد” وهي مهجرة من منطقة سهل الغاب غربي حماة حديثها عن معاناتهم في مخيم “سوق الهال” غربي إدلب كل شتاء.

تقول “أم خالد” لفرش، إنهم بحاجة ماسة إلى استبدال خيامهم بخيامٍ جديدة علها تخفف من معاناتهم المتفاقمة هذا الشتاء مع زيادة حدة الهطولات المطرية الغزيرة، فما يملكون من ملابس وأغطية وأثاث منزلي يتضرر في كل هطول.

حالة “أم خالد” المهجرة من سهل الغاب تتشابه مع حال مئات آلاف المهجرين في مخيمات شمال غربي سوريا، خصوصاً المخيمات القماشية التي لم تستبدل منذ سنوات طويلة، فالخيمة التي تسكنها مع عائلتها عمرها يتجاوز 6 سنوات وهي فترة طويلة قياساً لخيمة مصنوعة من القماش لا تخدمهم في كافة الفصول، لكن في الشتاء تتزايد معاناتها جراء تدفق المياه إلى الداخل ولا تقدر على استبدالها بنفسها فكما تقول خلال حديثها إنها لا تملك المال لذلك وتقاسي مع عائلتها ظروفاً إنسانية صعبة وسط تراجع عمليات الاستجابة الإنسانية من قبل المنظمات والجمعيات الخيرية.

وتضيف “أم خالد”، أنها تلجأ مع عائلتها إلى التحايل عبر وضع الأقمشة الجديدة على سطح الخيمة وحفر خندق صغير في محطيها للتقليل قدر المستطاع من دخول مياه الأمطار إلى الداخل، لكنها تؤكد أن ما تقوم به غير كافي وتطالب المنظمات الإنسانية بالالتفات إلى معاناة النازحين والعمل على استبدال الخيم البالية أو نقلهم إلى مخيمات مصنوعة من الطوب جراء عدم تحملهم للظروف التي يعشونه منذ سنوات.

منسقو الاستجابة: الشتاء يفاقم المعاناة الإنسانية في مخيمات شمال غربي سوريا

حذر فريق منسقو استجابة سوريا في بيان، من تفاقم الوضع الإنساني في مخيمات النازحين جراء انخفاض درجات الحرارة وغزارة الهطولات المطرية، مشيراً، أن حياة آلاف الأطفال والنساء ممن يعيشون ضمن المخيمات مهددة ومأساوية في ظل عدم توفر أدنى مقومات الحياة وشح كبير بمواد التدفئة نظراً لعدم تمكن غالبية العائلات من شراء مواد التدفئة هذا الشتاء بسبب ارتفاع أسعارها بشكل يفوق قدرتهم المادية.

وقال الفريق في بيانه الذي نشر منتصف الشهر الجاري، إن إعداداً كبيرة من النازحين يعيشون في مخيمات قماشية بالية مهترئة وقديمة لا تصلح للسكن بعضها لم يستبدل منذ 8 سنوات، ولا تتوفر لديهم أدنى متطلبات التدفئة وسط تراجع عمليات الاستجابة وانخفاضها مع بداية الشتاء.

وأوضح، أن غياب متطلبات التدفئة ينعكس على قاطني تلك المخيمات وبالأخص الأطفال وكبار السن المعرضون للإصابة بنزلات البرد والأمراض التنفسية، محذراً من أن التغاضي عن الاستجابة قد يؤدي إلى حالات وفاة جراء انخفاض درجات الحرارة خاصة مع اقتراب حدوث موجات الصقيع خلال الشهر القادم.

تقول “أم مصطفى” مهجرة تقطن في مخيم “صامدون” بريف سلقين لفرش: “نحتاج إلى أعطية ومواد تدفئة، نستخدم ما يجمعه أطفالي من أقمشة قديمة وأكياس نايلون وأحذية بالية في تشغيل المدفئة، الدخان المتصاعد يضرنا لكن لا نملك حلاً بديلاً لمواجهة البرد القارس”.

وأضافت متسائلة هل ما أطلبه كثير؟ لماذا هذا التراخي والإهمال من قبل المنظمات والجهات المسؤولة لإيجاد حلول دائمة لمشاكلنا ومعانتنا الإنسانية المستمرة منذ سنوات؟، نعيش في فقر مدقع ولا نملك المال لشراء ما نحتاجه، والمساعدات التي تصلنا باتت قليلة فكل 3 إلى 4 أشهر نحصل على سلة صغيرة لا تكفي إلا عدة أيام، لتختتم الحاجة “أم مصطفى” حديثها بالبكاء على ما تقاسيه من ظروف إنسانية لم تعد تطاق، كما تصف.

بدوره، طالب مدير مخيم “صامدون” عبد القادر الإبراهيم خلال حديث لفرش، المنظمات الإنسانية والجهات الحكومية إلى العمل على توفير خيام جديدة وشوادر وعوازل من أجل مساعدة العائلات النازحة على تحمل موجات البرد والهطولات المطرية الغزيرة، إضافةً إلى زيادة المساعدات الإنسانية ومواد التدفئة فالظروف الحالية التي يمر بها الأهالي تجعلهم غير قادرين على تأمين تلك المواد بأنفسهم.

ودعا “الإبراهيم” المنظمات الإنسانية إلى الإسراع في تأهيل الطرقات داخل المخيم فجميعها باتت غير صالحة لسير الدرجات والعربات بسبب امتلائها بالحفر والطين، لافتاً إلى أن الطرقات لم يتم صيانتها منذ إنشاء المخيم قبل سنوات طويلة.

الدفاع المدني: أكثر من 80% من المخيمات بحاجة إلى استجابة طارئة

في تقريرها حول احتياجات المخيمات شمال غربي سوريا خلال الشتاء الحالي، بينت منظمة الدفاع المدني (الخوذ البيضاء) في دراسة أجرتها مؤخراً، أن 84% من مُخيّمات النازحين تحتاج لعوازل أرضيّة، و76% منها بحاجة لفرشها بالبحص، وذلك لتجنّب التجمّعات المائيّة التي تنجم عن الأمطار.

وأضافت، أنّ هناك أكثر من 70 % من تلك المُخيّمات بحاجة إلى إعادة تأهيل الطرقات، و47% بحاجة أيضاً إلى تأهيل الصرف الصحي ودورات المياه.

وأوضحت، أنّ الدراسة التي تم إجرائها شملت 929 مخيّماً يقطنها قُرابة الـ 1،393،128 نازح سوري، 73 % منهم من النساء والأطفال.

تتكرر المعاناة الإنسانية لقاطني مخيمات شمال غربي سوريا شتاء كل عام وسط اتساع كبير في الفجوة بين حجم الاحتياجات وعمليات الاستجابة الإنسانية ما ينذر بكوارث إنسانية ما لم يتم تدارك الوضع من قبل المعنيين سواءً منظمات المجتمع المدني أو الجهات الحكومية.

إعداد: حمزة العبد الله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى