تقارير

بعد 12 عاماً.. ماذا حققت الثورة من أهدافها؟

لا تقاس الثورات بالمدة الزمنية إنما بمقدار ما أفرزته من متغيرات على الأصعدة السياسية والإنسانية وحتى الأخلاقية، فالثورة الفرنسية التي كابدت 10 أعوام حتى انتصرت، غيرت وجه القارة الأوروبية، جددت فكر بلد بأكمله وأثرت على القارة العجوز لاحقاً، لتقَّلص الزمن وتصنع تغييراَ كان يحتاجُ قروناً دون أن يثور الفرنسيون.

لا يمكن لأحد أن يجزم أن الثورة في سوريا فشلت! في عامها الثاني عشر بالرغم من متغيرات غالبها يصب في مصلحة نظام الأسد المدعوم بحلفائه الروس والإيرانيين وتخاذل المجتمع الدولي الذي أدار ظهره للسوريين في العديد من المواقف فرائحة الغازات السامة لا تزال عالقةً في أنوف من نجى من جرائم الكيماوي في الغوطتين وخان شيخون واللطامنة ودوما.

يخرج السوريون في هذه المناسبة للتأكيد على استمرار ثورتهم، يخرجون إلى الساحات ليس فرحاً بتساقط الأمطار بعد فترة إمساك كما كان يدعى إعلام نظام الأسد في بداياتها، يخرجون للهتاف بأعلى أصواتهم، رجالاً نساءً أطفالاً وشيوخ.

في ذكراها… أزمة إنسانية متفاقمة ودعوات للتغيير

حول نظام الأسد سوريا إلى دولة متأزمة خلال السنوات الـ 12 الماضية، إذ تؤكد الدراسات والإحصائيات المنسوبة إلى جهات دولية مستقلة، أن الأزمات التي تعصف بالسوريين تجعل من معيشتهم صعبة في ظل تواصل انهيار العملة المحلية وتعاظم نسب الفقر التي تخطت الـ 80 بالمئة خلال العاميين الأخيريين.

يرجع ذلك التأزم إلى الخيارات التي انتهجها نظام الأسد في تعاطيه مع الاحتجاجات في بدايتها ما حول البلاد قاطبةً إلى ساحة حرب توسعت رقعتها لتشهد مع السنوات الأولى تدخلاً من قبل حلفائه الإيرانيين الذين زجوا بشتى الميليشيات في حربٍ ضد السوريين لتدخل بعدها روسيا حليفه الأكثر دموية الحرب وتبدأ مرحلةٌ جديدة في مسار التراجع الميداني الذي كان واضحاً حتى أواخر العام 2015 لصالح المعارضة العسكرية والفصائل الثورية.

لم يمنع التراجع والإخفاقات التي منيت بها ثورة السوريين من تأكيدهم على الاستمرار بها، فالثورة كما يقولون لا تقاس بما استغرقته من سنوات وإنما بالمنجزات التي تحققت خلالها فحتى مع قلتها إلا أنها كشفت أقنعة المؤسسات الدولية وأظهرتهم على حقيقتهم وعرت تواطؤهم مع الجلاد ضد الضحية.

من المفارقات الهامة في الثورة السورية محاولات التعويم وإعادة العلاقات مع نظام الأسد التي تشرف عليها روسيا بشكل مباشر، حيث استطاعت أواخر العام الماضي من جمع وزراء دفاع تركيا والأخير وذلك لأول مرة بعد 11 عاماً من القطيعة والخلافات التي وصلت إلى حد المواجهة العسكرية بعد التدخل التركي.

يقول وائل علوان الباحث في مركز “جسور” للدراسات لفرش:” إن المجتمع الدولي خذل السوريين ولو أراد لكان دعم فصائل الثوار عسكرياً لإسقاط نظام الأسد لكنه اختار سياسة الاستنزاف لكافة القوى المتحاربة للوصول إلى “لا غالب ولا مغلوب”، وهو ما أدى إلى إطالة أمد الثورة”.

وبشكل أو بآخر، باتت التطورات العسكرية والأحداث المتسارعة في أوكرانيا تؤثرُ على الشأن السورية، إذ أنه ومنذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، ومع تغير المشهد الأوكراني تزامناً مع تقدم روسيا في مناطق وتراجعها في مناطقَ أخرى، والذي أثر بشكل مباشرٍ أو غير مباشر على التطورات السياسية في الساحة السورية.

المحلل السياسي المعرض جورج صبرا يقول لفرش:” إن تغييرات وتسارع الأحداث في أوكرانيا بعد التدخل الروسي فيها وعدم تحقيق الروس لأهدافهم من العملية العسكرية، قد يدفع الولايات المتحدة والدول الغربية إلى تعويم الملف السوري من جديد على طاولة المفاوضات، حالما يدركوا فشل الخطة الروسية ضد أوكرانيا، لممارسة مزيد من الضغوطات على روسيا وهي التي تواجه حالياً أقسى العقوبات الأمريكية والغربية منذ عقود إضافة للعزلة التي فرضت عليها، وهو ما يمكن اعتباره تصحيحاً للسياسة الدولية تجاه ثورة الشعب السوري”.

يجدد الشعب السوري اليوم في ذكرى الثورة الثانية عشر التأكيد على استمرار الكفاح والسير في طريق اختاره قبل سنوات طويلة بالرغم من معرفتهم بصعوبته وخذلان الجميع لهم، حتى الوصول إلى الدولة الجديدة التي يحلم بها كافة السوريين بعيداً عن نظام الأسد الذي ارتكب أفظع الجرائم بحقه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى