غير مصنف

سكة الحجاز وليالي إدلب السوداء

حمزة العبد الله (كفرنبل، ادلب)

تشهد محافظة إدلب الواقعة شمالي غربي سوريا حملة قصف جوِّي وصاروخي غير مسبوق حيث لا تكاد طائرات العدوان الروسي وطائرات النِّظام الحربية تنكفئ عن تنفيذ عشرات الغارات الجوية يومياً على قرى وبلدات المحافظة مرتكبةً عشرات المجازر بحق المدنيين.

دماء وخراب ودمار وقصص تروى هنا وهناك عن تفاصيل تلك المجازر،

ينتهي الصَّباح محملاً بأحزان أولئك الذين فقدوا أشخاصا عزيزين على قلوبهم حتى يبدأ المساء وتبدأ قصة مجزرة جديدة.

أناس عالقون تحت الأنقاض، شهداء وجرحى ومنازل أصبحت ركاماً فوق رؤوس قاطنيها، يهرع الجميع إلى مكان القصف ليقدِّموا المساعدة وبعدها يبدأ الأهالي بتناقل قصَّة المجزرة وما أن ينتهوا من حديثهم عما حصل حتَّى تكون قصة مجزرة جديدة بدأت بتفاصيل أشدَّ قساوة وأكثر إجراماً.

تأتي هذه المجازر في الوقت الَّذي تتواصل فيه الحملة العسكرية لقوَّات النِّظام مدعومة بالميليشيات الأجنبية على مناطق جنوب وشرق محافظة إدلب بغية السَّيطرة على المزيد من المناطق، حيث تمكَّنت قوَّات الأسد من الوصول والسيطرة على مطار أبو الظهور العسكري وذلك بعد أشهر من العمليَّات العسكريَّة على المنطقة انطلاقاً من مناطق سيطرتها في محافظتي حماة وحلب وسيطرة قوَّات الأسد مدعومة بالميليشيات على عشرات القرى والبلدات في محافظة إدلب الواقعة شرقي سكة الحجاز.

تتزامن الحملة العسكرية على المحافظة في الوقت الذي تعتبر فيه واحدة من المناطق المشمولة بمناطق “خفض التَّصعيد” والتي تمَّ التَّوصل إليها في مباحثات أستانا في كازاخستان منتصف العام الفائت ورغم تلك الاتِّفاقات إلاَّ أنَّ قوَّات النظام والميليشيات المساندة لها مدعومة بطيران العدوان الروسي مازالت تواصل ارتكاب المجازر بحق المدنيين في المناطق المأهولة بالسُّكَّان في ظلِّ صمت تركي حيال الأوضاع في المحافظة، والَّتي تعتبر من الدُّول الضَّامنة لاتِّفاقيَّة أستانا الموقَّعة بين الأطراف الضَّامنة (تركيا، روسيا وإيران).

اتفاقيَّة يقول أهالي المحافظة بأنها لاتزال غامضة المعالم في ظل تقدُّم النظام وحلفائه شرق وغرب سكة الحجاز.

ولم تقتصر غارات طائرات العدوان الروسي على المناطق السكنية بل تعدَّتها إلى استهداف المشافي والمراكز الصحيَّة في المدن والبلدات المستهدفة والَّتي أدَّت إلى خروج العديد من المراكز الصّحيَّة والمشافي عن الخدمة إما بشكل جزئي أو بشكل كامل كما أدَّت إلى خروج مشفى كفرنبل الجراحي في مدينة كفرنبل عن الخدمة بعد استهدافه بأربع غارات جوّيَّة وتضرر أجزاء كبيرة منه.

كما خرج مشفى “عدي” في سراقب عن الخدمة أيضاً والمشفى الوطني في معرة النعمان.

هذا وتأثَّر القطَّاع التَّعليمي في المحافظة سلباً نتيجة الحملة الشرسة التي تتعرض لها المحافظة، حيث أغلقت المدارس أبوابها حرصاً على حياة الطُّلاب والكادر التعليمي.

حالة من الخوف والتَّرقب يعيشها المدنيين في محافظة إدلب وسط تزايد الإشاعات والأقاويل التي يتناقلها المدنيين فيما بينهم كما وحذَّر ناشطون من مصير مشابه لما حصل في الرقَّة والموصل في ظل تقاعس محلي ودولي لاحتواء الأمر ووضع حدٍّ يلجم النِّظام وميليشياته ومن خلفهم روسيا لإيقاف المجازر بحق المدنيين والاكتفاء بتصريحات الاستنكار والشجب.

ومع كل هذه التَّطورات والمُتغيِّرات تتعالى الأصوات الشعبيَّة في المحافظة لدخول الضَّامن التركي والإسراع في الانتشار في مناطق خفض التَّصعيد لوقف معاناة المدنيين.

محافظة إدلب السُّورية والتي تعد اليوم ملجأً لمئات الآلاف من السوريين الذين هجَّرتهم آلة الأسد العسكرية ولأولئك الذين تركوا منازلهم قسراً، باتت اليوم مسرح عمليات عسكريَّة لقوَّات النظام وحلفائه، مما يُنذر بكارثة إنسانية كبيرة ووضع مأساوي قد يؤدي إلى تفاقم في إنساني في تاريخ البلاد منذ اندلاع الثورة السورية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى