غير مصنف

تنظيم داعش بين الدَّولة المزعومة والزَّوال المحتوم

متاح باللغة الإنكليزية Fresh Syria English

انتهى تنظيم داعش بشكل فعلي في الشَّمال السُّوري، بعد أن شهد خلال فترته الأخيرة حالة من التَّخبط في صفوف عناصره، كما شهدت مناطق سيطرته في أرياف حماة وإدلب الشَّرقيين مدَّاً وجرزاًّ تخلَّلها اشتباكات متقطِّعة مع فصائل الجيش الحر و”هيئة تحرير الشّام” تارة، وقوَّات الأسد والميليشيات المساندة له تارة أخرى، وسط حالة من الضَّبابيَّة في حركة التَّنظيم على الأرض.

اتَّهم ناشطون سوريون وقادة في الجيش السوري الحر تنظيم داعش بالتَّنسيق مع قوَّات الأسد في عملياته الأخيرة خاصَّة في ريف إدلب الشَّرقي، كان آخرها عمليَّة التَّسلل إلى بلدتي الخوين وأم الخلاخيل بالريف الشرقي لإدلب، والَّتي تمكَّنت غرفة عمليات “رد الغزاة” من احتواء الأمر واستعادة البلدتين بعد أن قتلت عدداً من العناصر المتسللين واعتقلت مجموعة أخرى.

ومع إطباق قوَّات الأسد والميليشيات المساندة لها حصارها لناحية عقيربات بريف حماة الشّرقي، تمكَّن التَّنظيم وبظروف غامضة من الخروج من عقيربات وصولاً إلى منطقة الرهجان جنوب شرق إدلب بكافَّة عتاده الثَّقيل، لتتزامن معاركه ضد الفصائل مع عمليَّات قوَّات الأسد في الريف الإدلبي، دون حدوث حتَّى مناوشات بين الطَّرفين.

“الدولة الإسلامية مُمثّلة بأهل الحلّ والعقد فيها، من الأعيان والقادة والأمراء ومجلس الشورى، قررت إعلان قيام “الخلافة الإسلامية”، وتنصيب خليفة دولة المسلمين، ومبايعة الشيخ المجاهد أبو بكر البغدادي، فقبل البيعة، وصار بذلك إماماً وخليفة للمسلمين”، بهذه الكلمات التي أطلقها النَّاطق الرسمي لتنظيم داعش “أبو محمد العدناني” في التاسع والعشرين من شهر حزيران لعام 2014 أُعلن عن قيام تنظيم داعش، ودخول المنطقة في حقبة جديدة من الصِّراع والتَّناحر الَّذي أدَّى إلى تغيُّر الخارطة الجغرافيَّة والسياسيَّة، الأمر الَّذي غيَّر بوصلة الشُّعوب في سوريا والعراق، وتغير رؤى الدول الَّتي دعمت حراك الشُّعوب في نيل الحريَّة وإنهاء حكم الطغاة.

لم يدم هذا الحلم الوردي في قيام “دولة الخلافة” في صفوف عناصر التَّنظيم طويلاً، حتَّى تمَّ تشكيل تحالف من عدَّة دول بقيادة الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة لضرب التنظيم في العراق، ما سارع من انحساره وتركيز ثقله في سوريا، إلا أنَّ التَّحالف تمدَّد في عملياته وصولاً إلى سوريا ودعم الميليشيات الكرديَّة في محاربة التنظيم، ودخول تركيا في عمليَّة “درع الفرات” مع فصائل في الجيش الحر، وبدء قوَّات الأسد مدعومة بطائرات العدوان الروسي هجومهاً على التنظيم شرق البلاد هذه العوامل وغيرها سارعت في انحسار التَّنظيم وانتهاء وجوده، ليتقوقع في ريف إدلب الشرقي أخيراً وينتهج أسلوباً جديداً في حرب العصابات ضدَّ فصائل الجيش الحر وغيره من الفصائل.

نهاية َتنظيم داعش في الشَّمال السُّوري كانت اليوم الثلاثاء، بعد إعلان غرفة عمليات “دحر الغزاة” بيانًا حول القضاء على فلول التَّنظيم، بعد معارك استمرت ثلاثة أيام قتل على إثرها العشرات من العناصر، ما دفع الباقي لتسليم أنفسهم لفصائل “دحر الغزاة”.

مع نهاية تنظيم داعش في الشمال السوري انتهت رواية نظام الأسد بـ “محاربة الإرهاب” والَّتي صبغت عليه بعضاً من الشرعيَّة الدوليَّة، استغلَّها في قتل المدنيين وهدم القرى والبلدات على مساحة البلاد، وتهجير الأهالي من مناطقهم، ليتبنى مشروعه الجديد في التَّغير الديمغرافي المدعوم إيرانياً.

محمد السطيف (إدلب-كفرنبل)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى