غير مصنف

الطب في ظروف الحرب هل هو مهنة إنسانية ام وسيلة لجمع الثروة

تعد مهنة الطب من المهن المهمة، لأنها توفر الرعاية الصحية للإنسان وهي من أصعب المهن، فتتطلب حرصاً كبيراً وعملاً دؤوباً ومتابعةَ كبيرة بالإضافة إلا أنها المهنة الوحيدة التي تتصف بالإنسانية المطلقة، لشدة حساسيتها وتعاملها مع البشر، لا تقتصر المهنة على الطب البشري فقط فلها عدة فروع ومجالات.

وتعد دراسة الطب من أصعب وأطول الدراسات والعمل ضمن مشافي للتدريب العملي والتي تسمى بمراحل الاختصاص كما تحتاج الى درجات متفوقة في الشهادة الثانوية للدخول في هذا المجال. فالإنسان الذي يحمل على عاتقه مهنة الطب من المقرر أن يتسم بالأنسانية.

فالطبيب ذو مهنة عظيمة ورسالة سامية تتطلب منه الأمانة والصدق والمهارة والدقة والاطلاع الدائم على أحدث ما توصل إليه العلم الحديث من تقدم علمي، مما يفرض عليه عبئًا إضافيًا وعلى المجتمع مزيدًا من التقدير والاحترام له.

لكن كثيراً من الأطباء أخذوا هذه المهنة على أنها وسيلة لجمع ثروة كبيرة وطريقة جيدة للترقي في طبقات المجتمع الغني متناسين ظروف وأوضاع باقي الطبقات التي تعيش معظمها تحت خط الفقر، واضعين الإنسانية في المهنة وراء ظهورهم وجمع المال والثروة هو الهدف الوحيد.

وفي ظل الظروف الصعبة التي نعيشها في الحرب الدائرة في سوريا، ظهرت نماذج ومعادن بعض الأطباء فمنهم من حمل الرسالة السامية التي كُلِف بها ومنهم من زاد حلمه بالثروة ومنهم من خرج بعيداً عن البلاد ليضع خبراته وما تعلمه في خدمة من هم ليسوا بحاجة له، وترك أبناء بلده يموتون من نقص الرعاية الطبية وضعف الكوادر الغير مؤهلة.

فمع ازدياد الفقر واشتداد ظروف الحرب رفع بعض الأطباء أجور معايناتهم بحجة غلاء الأسعار وارتفاع الدولار بالإضافة الى وضع عبارات تنافي مفهوم الإنسانية على جدران العيادات الطبية التي تحولت الى محالٍ تجارية بالنسبة لهم.

فكل طبيب وضع أجرة معاينته حسب مصروفه الكبير كما أصبح يعتمد على الأجهزة الطبية التي تضع كلفة عالية المريض، مثل التحاليل المخبرية والصور والاشعة وغيرها من الأجهزة المكلفة حتى لا يكلف نفسه ويفحص المريض بوقت أطول ليتمكن من زيارته أكبر عدد ممكن من المرضى.

وفي الكثير من العيادات عليك ان تدفع تكلفة زيارة الطبيب عند “السكرتيرة” في الخارج قبل أن تدخل إليه وإن لم تكن ممن يحملون النقود فعليك أن تعود من حيث أتيت وقد زاد الفقر الذي يمر به الشعب السوري في ظل الدمار الكبير ووقف معظم المهن الأخرى بسبب القصف المستمر والنزوح وظروف الحرب عامة، زاد مأساة السوريين وخاصة المرضى.

أطباء أخرون ممن تعاقدوا مع المنظمات والمشافي المجانية بمبالغ طائلة وعند زيارتهم وكأنه يعالجك بالمجان يخرج لك بصفة استعلاء ويحادث المريض على أنه مذنب لقدومه الى هذا المكان.

هكذا حول بعض الأطباء المهنة الإنسانية الى تجارة ووسيلة لجمع الثروة وبناء القصور وركوب أحدث أنواع السيارات، مستغلين اختصاصاتهم النادرة بسبب هجرة بعض الأطباء للعمل في خارج البلاد.

ولكن لا نستطيع أن نقول إن جميع الأطباء بهذه الصفة، فمنهم من حمل الرسالة بكل أمانة وإخلاص وأعطى المهنة انسانيتها الحقيقية وعمل بها على أنها المهنة الوحيدة التي مازالت تعمل لأجل الشعب السوري المكلوم، فالدخول اليه مباح في كل الأوقات والتكلفة رمزية وحسب المستطاع في أغلب الأحيان.

مهنة الطب لم تتغير صفاتها وأهدافها فهي تبقى الرسالة السامية والتي يحملها انسان نبيل يعمل بها بكل اخلاص وتفاني لأنه يتعامل مع الأرواح أغلى ما وضع الله في جسد الإنسان.

لكن هناك من حولها وعمل بها حسب مفهومه وطمعه وهناك من حملها على كتفيه وكأنها أمانة إنسانية وضعها الله في عنقه.

بقلم محمد سعيد العباس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى