بعدِ تهدمِ منزلي أصبحتُ بلا مأوى
أصبحتُ امرأة تبحثُ عن مأوى من كثرةِ القصفِ، اسمي هالة أبلغُ من العمرِ 40 عاماً ولدتُ بمدينةِ مورك وأسكنُ بمدينةِ كفرنبل، متزوجة رزقتُ بثلاث أولاد وثلاث بنات.
في بدايةِ الثورةِ كنَّا نقيمُ بالرقة لأنَ زوجي يعملُ مساعدَ مهندس، بمشاريعِ الرَّي وكانت حالنا الماديةُ يسيرةً، نملك منزلاً كبيراً وكانت حياتُنا تعمها الفرحةُ والسعادة.
ومع امتداد الثورة التي عمّت كافة بقاعِ الوطن، وعندما باتت قواتُ الأسد تقصفُ المدنيينَ بكلِ وحشية، ضاقت بنا الحياة وكثرت روائحُ الموت قررَ زوجي العودةَ إلى مسقطِ رأسنا والانشقاقَ عن عملهِ لدى قواتِ الأسد وعدنا إلى مورك بدونِ أن نأخذَ شيءً معنا إلا الثيابَ التي نرتديها، عندَ وصولنا صُدمنا بمظهرِ المدينةِ المدَّمرِ بشكلٍ شبه كاملٍ، وكانت صواريخُ الراجمات والمدافعِ الأسديةِ نادراً ما تُريحُ الأسماعَ من صوتها، وكانت المدينة فارغةً فأهلها قد أمسوا نازحينَ في مناطقَ أخرى.
سافرنا شمالاً حتى وصلنا لمدينةِ كفرنبل، في بدايةِ الأمرِ أجبرنا على أن نقيمَ بغرفةِ صفٍ في مدرسةٍ شبهِ متهالكة، حيث لم نكن نملك شيءً سوى مبلغٍ يسيرٍ و ما تبقى من قوتِ يومنا، لطالما بحث زوجي عن عملٍ لكنهُ لم يستطع أن يجد أيَّةَ وظيفةٍ يشبعُ بأجرها بطونَ عائلتهِ، وفي أحدِ الأيامِ عادَ زوجي برفقة رجلٍ مسنٍ عندَ دخولهما الغرفة لم يستطع الرجل أن يتحكَّمَ بمشاعرهِ أو عينيهِ السخيةِ بالدموع وبسرعة طلبَ منا أن نذهب معهُ لنسكنَ في مكانٍ يملكُه.
بعدما أخَذنا الرجلُ المسنُ إلى وسطِ مدينةِ كفرنبل وإذا بهِ:” يقولِ إنَّ هذهِ الغرفة قديمةٌ قليلاً ولكنِّي واثقٌ من أنها ستنالُ اعجابكم فهي كبيرةٌ نوعاً ما وتحوي على مطبخها وحمامها الخاصينِ بالإضافةِ إلى شرفةٍ كبيرةٍ ولا أريد منكم أجاراً لها”، وعند معرفةِ الأهالي لنا قاموا بإحضار أشياء مختلفة من إسفنجات وكل ما يحتاجه المنزل وأثناء ذلك أصبحت أنا وزوجي نبكي مثل الصغار وذلك لشدة الموقف أصبحت الحياة صعبة جداً وقد قلبت بنا الدنيا وأصبحنا لا نملك شيئاً.
الحمد لله كنا نجلس ضمن هذه الغرفة كالأيتام كلنا يفكر بالحل، الدنيا تغيرت والناس تغيروا والأسعار أصبحت مرتفعة جداً بسبب الظروف التي تعيشها البلاد.
عندَ وصولِ فصل الشتاء، لم نستطع أن نحضرَ فيه حطب أو مازوت وكانت الأغطيةُ كفيلة بنا تحمينا قليلاً من البرد القارس، ندعو الله بالفرج عنا وعن كافة الناس في بلدنا سوريا والنصر على قوات الأسد.
(صبحية البيوش)