غير مصنف

شعلة اشعلت آلاف الشموع

منذ انطلاق الثورة السورية ونحن نسمع عن قلة قليلة من الثوار الذين خطوا درب الحرية لملايين السوريين، كنا نعتقد أن السلاح هو فقط من يحسم المعركة ويخفف عن المعاناة، متجاهلين بعض الأمور التي كانت هي الرصاصة المجهولة التي استطاعت أن توصل معاناة أبناء شعب عاش في القهر والكتمان وفي دولةٍ مخابراتية بحتة تعتمد سياسة القمع والعذاب.

صوت الحق وصورته كلمتان نستطيع أن نختصرهما في رجلين عاشا من أجل هذا الشعب هما الفارس رائد وصاحب الضحكة الجميلة حمود الجنيد، حيث كانا بمثابة مرآة الثورة السورية في كل أنحاء العالم حتى تمكنت يد الغدر والخيانة النيل من أجسادهما الطاهرة.

“رائد”، حمل هذا الاسم من فارسه أجمل المعاني فقد منحه صاحبه الرجولة وعلمه معنى الحرية بصوت الشعب، فقد كان فارساً لاسمه، ولم يكن لهذا الاسم معنى لولا وجوده في هذا الشخص.

حمل الفارس رائد همَّ ثورته ورفع صوته في وجه الظلام، اشتهر بمخطوطاته الرائعة ولافتاته الجميلة وكانت افكاره العلمية والثوريَّة لها دور الريادة في إيصال صوت أبناء مدينته الى أقصى بقاع الأرض، حتى أصبحت أيقونة الثورة في الشمال السوري بل في جميع أنحاء سورية.

اجتمع رائد مع رفاقه الثوريين وعانوا من بطش” نظام الأسد” وحمل كل منهم هماً وكأنه جبل، وتمكن رائد ورفيق دربه حمود من رسم درب لأجيال لن تنسى معنى كلمات رائد وضحكة حمود.

حلم رائد الفارس بدولة تسودها الحرية يعيش فيها جميع السوريين، وبدأ كفاحه للحصول على حلمه فخرج يضرب أصقاع الأرض بحثاً عن أناس يعرفون معنى الدولة المدنية ويحملون بين أجوافهم بعضاً من الإنسانية، حتى تمكن هذا الفارس مع بعض رفاقه بتأسيس منظومة تتمكن من إيصال صوتٍ حرٍ الى كل أبناء الشعب السوري فكانت “راديو فرش” هي النتيجة.

اشعلت هذه الثمرة بعض الشموع التي كان لرائدها الدور الأكبر في تأسيسها وفي أفكارها، وتعرضت هذه المنظومة إلى الكثير من الضغوط والمضايقات من بعض التيارات التي كانت هي السبب الأكبر للفشل الكبير التي آلت إليه أوضاع الثورة.

بضع كلمات كان يقولها رائد لكل من عمل في هذه المؤسسة الإعلامية الحرة كانت كفيلة لتكون بلسم الجراح لكل عامل فيها، وكانت هذه الكلمات محفزاً لكل فرد فينا ليكون صوت الحق البديل لرائد ” سنستمر، ونحن من سيغير وجه هذا العالم وعلى كل فرد منا أن يكون منبراً للسير على درب الحرية، لنعيش في سورية الجميلة” كلمات كانت هي بمثابة الخط العريض ليمشي عليه ألاف الأحرار.

درس الطب فكان الطبيب لكل أوجاعنا ودرس الأعلام فكان شعلةً ومنارة لمئات الإعلاميين، عشق الحرية فزرعها في نفوس آلاف السوريين.

على الرغم أنه كان يعلم مصيره لتلقيه العديد من التهديدات مع صديقه ورفيق دربه حمود ومحاولة اغتياله عدة مرات، لكنه سار على هذا الدرب المليء بالمخاطر، بسبب حبه لسورية الحرة وعشقه لأنفاس الحرية.

وكالعادة لم يعجب نهج رائد وصديقه حمود الحاقدين وأذناب آل الأسد لصدقهم وإخلاصهم في عملهم لتكون يد الغدر هي السباقة إلى جسده قبل أن ينال ما يريد، بضع رصاصات من يد حاقد كانت كفيلة أن يرحل الفارسان عن هذه الدنيا، فكان يوم الجمعة الموافق الثالث والعشرين من شهر تشرين الثاني هو موعد سقوط الفارس عن صهوة جواده.

الناس في المساجد وفي منتصف الطريق، حاقدان يطلقان النار على رائد وحمود لتترقي روحهما الطاهرة الى بارئها ويرحل القاتل دون حساب وكالعادة تسجل ضد مجهول لينضم رائد ورفيق حياته ومماته حمود الى قوافل شهداء الحرية.

تعاهدنا أن نمضي على هذا الطريق معاً لكنهما رحلا وبقينا ولا نعرف متى نرحل، ونعاهدهم أننا سنسير ونكمل الدرب حتى نصل الى احلامهم وأحلام كل السوريين، أو نموت فنكون معهم في جنان الخلد، فسلاماً على أرواحهم الطاهرة.

محمد العبّاس (إدلب_كفرنبل)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى