منبج السورية… إلى واجهة الصراع من جديد
ينتظر المدنيون في مدينة منبج شرق محافظة حلب ما ستؤول إليه أوضاع مدينتهم المسيطر عليها من قبل قوات سوريا الديمقراطية، بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من سوريا بشكل كامل، ذلك القرار الذي وضع المنطقة أمام سيل من التوقعات والتحليلات عن مصير المدينة، ومن هي الجهة التي ستملئ الفراغ بعد الانسحاب الأمريكي.
وتزامناً مع قرار الإدارة الأمريكية بإعادة جنودها إلى الوطن بعد الانتهاء من مهمة القضاء على تنظيم “داعش”، استمرت تركيا بتعزيز وإرسال المزيد من القوات العسكرية إلى الحدود مع سوريا بغية السيطرة على شرقي الفرات إبتداءً من مدينة منبج، العقدة التي كانت طيلة الفترة الماضية بالنسبة لتركيا، لاسيما بأن منبج من المناطق التي توقفت عندها معركة “درع الفرات”، والتي كانت ضمن المناطق التي كانت ستشملها العملية، ولكن التواجد الأمريكي وقتها حال دون إكمال عملية السيطرة، وهو ما أدى إلى تأزم العلاقات التركية-الأمريكية نتيجة عدم الرضا التركي عن دعم الولايات المتحدة الأمريكية لتلك القوات التي تعتبرها تركيا منظمات إرهابية مدرجة على اللوائح التركية للإرهاب.
الانسحاب الأمريكي أو عدمه، تسريعه أو إبطاء عملية سحب القوات كل تلك التفاصيل لا تزال “غامضة” لليوم، ولا سيما بأنه لا توجد أي ملامح أو آثار جدية للانسحاب من المنطقة، بل أنه تم إدخال عشرات الشاحنات المحملة بالأسلحة والعتاد العسكري إلى قوات الديمقراطية السورية حليف الولايات المتحدة الأمريكية في عملية القضاء على تنظيم “داعش”، وهو ما يتنافى مع قرار الانسحاب من المنطقة.
ليست تركيا وقوات المعارضة السورية فقط من ينتظر خروج القوات الأمريكية من سوريا لملئ الفراغ في المنطقة والسيطرة على كامل المنطقة الشرقية، بل أن قوات النظام والمليشيات الموالية لها حشدت قواتها العسكرية على أطراف المدينة مستغلة المأزق الخطير الذي وقعت بها مليشيا قسد بعد القرار الأمريكي بالانسحاب من المنطقة وتلويح تركيا بالسيطرة على مدينة منبج بمشاركة قوات المعارضة السورية، وهو ما قد يدفع تلك الميليشيات للتحالف مع قوات النظام لتحمي نفسها من أي هجوم تركي محتمل على مناطقهم.
شهدت مدينة منبج خلال الثورة السورية العديد من الأحداث التي غيرت خارطة السيطرة فيها للعديد من القوى المتصارعة، فمن سيطرة النظام إلى التحرير من قبل الجيش السوري الحر إلى احتلالها من قبل تنظيم “داعش” الذي اعتبرها كأبرز مناطقه الاستراتيجية، حيث اعتبرت وقتها صلة الوصل بين ما أطلق عليها “ولاية الخير” عاصمة التنظيم المزعومة ومناطق سيطرته في ريف حلب الشمالي، ومن احتلال التنظيم إلى احتلال المدينة من قبل الميليشيات الكردية، وبين تبدل القوى المسيطرة عليها بقيت مدينة منبج حاضرة صراع دولي وإقليمي بأدوات محلية، وذلك بسبب موقعها الاستراتيجي المهم وقربها من نهر الفرات واحتوائها على واحد من أبرز السدود المائية في سوريا، كل تلك الأسباب جعلت من المدينة ساحة صراع للعديد من القوى المتناحرة فيما بينها على حساب المدنيين.
بين الانسحاب الأمريكي من سوريا والتأهب من قبل القوات التركية مدعومة بالمعارضة السورية، واستغلال الموقف من قبل النظام السوري وداعميه للموقف الحرج الذي وقعت به ميليشيا قسد، لا يمكن مع كل تلك التعقيدات والمشاكل التوقع بمصير المدينة ومن هي الجهة التي ستملئ الفراغ بعد خروج القوات الأمريكية.
وفاء المحمد (كفرنبل_إدلب)