مدونة المرأة

أميرة تفتتح محلاً للبالة في مدينة جنديرس بريف حلب

تعيش أميرة الأر (٣٤ عاماً) في مدينة جنديرس الواقعة في ريف حلب الشمالي والخاضعة لسيطرة الفصائل الثورية والجيش التركي، وهي تعمل في بيع الملابس والمفروشات المستعملة (البالة)، وبالإضافة إلى ذلك تعمل كوافيرة في منزلها.

وأميرة في الأصل من قرية ترمانين بريف حلب الغربي وزوجها من قرية البلاط بريف إدلب الشمالي وتقول:

“تزوجت وكنت الزوجة الثانية لزوجي وانتقلنا مباشرة إلى مدينة جنديرس للعيش هناك ضمن منزل صغير في مكبس لزيت الزيتون أنا وزوجي وزوجته الأولى وأولاده الستة، وبعد مدة قليلة بدأ زوجي يشكو ضيق الحالة المادية، فهو يعمل سائق تكسي، ولعدم معرفته من قبل أهل المنطقة بدأت حالتنا تسوء يوماً بعد يوم، حينها قررت مساعدته، فأنا أستطيع العمل، لماذا أقف موقف المتفرج وزوجي معظم الوقت يجلس مهموماً؟”.

وتضيف: “هذا ما جعلني أبحث عن عمل، وكانت تجارة البالة هي أول عمل خطر ببالي كوني عملت بها فترة طويلة قبل زواجي، ولدي معرفة كبيرة بها وبكيفية التعامل مع الزبائن ومع التجار، وطرحت الفكرة على زوجي ووافقني الرأي وبدأنا البحث عن محل حتى وجدنا محلاً مناسباً وقمنا بتجهيزه لبدأ العمل”.

وبعد تجهيز المحل نجحت أميرة في التواصل مع التجار ومع الزبائن وشرحت ذلك قائلة: “قمت بالتواصل مع التجار وتم التعامل معهم لإيصال البضاعة إلى المحل، ووصلت كمية كافية، وبدأت العمل والالتزام بالمحل، ويوماً بعد يوم أصبح لي زبائن، ولاقيت إقبالاً كبيراً من الأهالي لرخص سعرها عن الملابس الجديدة، ومع الأيام أصبحت معروفة للناس ومعظم نساء حارتنا يأتين لشراء الملابس والمفروشات من عندي، كنت سعيدة رغم التعب والجلوس بالمحل لوقت طويل، فأنا أخرج من التاسعة صباحاً حتى الساعة الرابعة مساءً للعمل”.

والبالة هي ملبوسات وأحذية مختلفة صيفية وشتوية وربيعية وخريفية وبجميع المقاسات، بالإضافة لمفروشات مستعملة تباع بطرود محزمة وبأوزان مختلفة كل وزن بسعر معين، وهي بضائع مستوردة من خارج سوريا يقوم التجار ببيعها في الداخل، وقد كثرت محلات البالة في زمن الثورة لانخفاض أسعارها وحاجة الناس، فأسعار الملبوسات الجديدة مرتفعة ولا قدرة لمعظم الأهالي على شرائها.

وأوضحت أميرة طريقة تسعير بضائعها وكيفية حصولها على الربح قائلة:

“كنت أجد إقبالاً كبيراً قبل ارتفاع سعر الدولار وهبوط سعر الليرة السورية، وأجد ربحاً جيداً، فالطرد سابقاً كان لا يبلغ سعره عشرين ألف ليرة سورية، والقطعة تباع بسعر ما بين مئة ومئتي ليرة سورية، وكل ما يزيد من ملابس غير مرغوبة أبيعها للحرق للمدافئ وأستفيد منها، أما الآن فبلغ سعر طرد البالة ستين ألف ليرة سورية وأكثر، والفرق في البيع أصبح واضحاً، فالقطعة أصبح سعرها ما بين ثلاثمئة إلى خمسمئة ليرة سورية، ومع ذلك فهي خسارة، وخاصة أن الطرد الذي أقوم بفتحه يباع منه عدة قطع وبعد مرور عدة أيام لا يعد مرغوباً من قبل الزبائن مما يضطرني لفتح شيء جديد، وبالتالي زيادة تكديس البضاعة، وتكديسها أصبح خسارة لنا عقب ارتفاع سعر الدولار”.

ومن الصعوبات التي تواجه أميرة في عملها العناية بطفلتها الصغيرة لانا وتقول: “بعد أن رزقت بطفلتي بت أجد صعوبة في الذهاب إلى العمل لبعد المحل عن المنزل، خاصة أنني أذهب سيراً على الأقدام والمسافة تبلغ ساعة كاملة للوصول وأنا أحمل طفلتي، لكنني أمشي وأتغلب على ذلك من أجل العيش بكرامة دون السؤال وحاجة الناس”.

وبعد أن أصبح مردود البالة قليلا بحثت أميرة عن عمل آخر إلى جانب البالة وتقول: “بالإضافة للبالة بدأت أعمل كوافيرة ضمن منزلي، وذلك حسب الطلب، فأنا قبل زواجي عملت فترة جيدة كوافيرة وأتقن هذا العمل، لكن لم أستطع فتح محل خاص لغلاء المعدات، فقررت مساعدة محل البالة بعمل كوفيرة داخل المنزل بمعدات بسيطة لرفع المردود والعيش ضمن مستوى متوسط”.

لتشاركنا الحديث قريبة زوج أميرة أم محمد (٣٥ عاماً) قائلة: “إنني أقصد أميرة في كل زيارة لقص شعر بناتي الثلاث، فالقرية صغيرة ولا يوجد فيها كوفيرة، وأميرة تقص لهن بشكل مستمر، وأنا معجبة بعملها وأشكرها جزيل الشكر فهي امرأة طيبة حسنة المعاملة”.

لتقول والدة زوج أميرة أم أحمد (٥٥ عاماً): “إن الملبوسات التي أحضرتها أميرة معها كانت جيدة فقد كنت بحاجة بعض الملبوسات القطنية، فهي باردة وخاصة أننا اقتربنا من فصل الصيف كما أن الستائر التي أحضرتها جميلة جداً وألونها زاهية وتناسب فرش الأرضية”.

حينها طرق الباب ودخلت أم إياد (٣٠ عاماً) والابتسامة تبدو على وجهها المستدير البشوش، ألقت التحية واتجهت بنظرها لأميرة قائلة: “أشكرك جداً يا أميرة فجميع الألبسة التي أحضرتها كانت بمقاس أولادي وهي جميلة وجديدة، وابنتي الصغيرة ربا ارتدتها والسعادة تغمرها وهي تنظر لنفسها بالمرآة وتقول: ما أجملني”.

شعرت أميرة بالسعادة لهذا الكلام وقالت: “تلبسوهن بالهنا”.

وختمت أميرة حديثها مع موقع “فرش أونلاين” قائلة: “يجب على المرأة أن تعمل وتقف إلى جانب زوجها وتساعده قدر استطاعتها، فنحن في محنة والله يفرجها، وإن شاء الله يحل السلام ويرجع الناس إلى منازلهم ويلتم شملنا، فقد أخذت هذه الحرب فرحة أولادنا وفرحتنا، وأصبحنا مثل الغرباء في وطننا سوريا”.

إعداد فريق “فرش أونلاين”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى