مدونة المرأة

بعد استشهاد والديّ فقدت بهجة الحياة

“هذه هي الحياةُ التي كنتُ أنتظرُ بفارغ الصبر أن أكبر من أجلها” أصبحت نظرتي لها نظرةً بائسة، حياةٌ لا يوجد فيها سوى التعب والشقاء، وليس بوسعنا سوى الصبر ومكابدة الجراح التي بداخلنا.

كنتُ فتاةً تُعرفُ بالأدب والأخلاق الحسنة أعيش مع والديّ وإخوتي الأربعة، حياةٌ سعيدةٌ بسيطة لا ينقصنا شيء.

ومنذ عدة سنوات تزوجتُ من شاب من أبناء بلدتنا وبعد فترة من زواجنا، أصبح سيء الأخلاقِ فكان كلما غضبَ أو تكلمتُ بكلمة لا تروق له يبدأ بضربي وشتمي، ورغم كل شيء كنت أتقبَل الإهانات كي لا يكرهني زوجي.

بعد مرور سنة رُزقتُ بطفل ملأ حياتي سعادةً وبهجة، ففي كل مرة كنت أشعر بضيقٍ من تصرفات زوجي معي، أنظر إلى ولدي فتعود البهجة والأمل إلى قلبي، وهكذا مرت السنونُ وأصبح لدي ثلاثة أولاد وفي كل مرة أقول لنفسي لعلَ زوجي يحنُ عليّ وعلى أولادنا ولكن دون جدوى حتى أنه أصبح يضرب الأولاد ضرباً قاسياً.

لم أعد أحتمل البقاءَ معه على هذه الحالة فقررتُ الذهاب إلى منزل والديّ وأخذت أولادي معي، لكنه رفض بقاء الأولاد معي، فأخذهم وراح يعذبهم ويرسلهم إليّ بثيابٍ ممزقةٍ وكان يهددني بهم لكي أعود إليه، فكيف أرجع لإنسانٍ لا يعرف الحبَ والحنان والرحمة؟

وبعد قيام الثورة وقيام المشافي الميدانية سجلت في دوراتِ تمريضٍ وأصبحت أعمل ممرضة في مشفى بلدتي، وصرتُ أتقاضى مبلغاَ يسيراً من المال أعيش به مع والديّ.

وفي يوم من الأيام ذهبت إلى المشفى وفي أثناء الدوام تعرضت مدينتي إلى قصف جوي عنيف، فسألت كادر المشفى أين قصفت الطائرة فأخبروني أن القصف استهدف الحي الذي أقيم فيه مع أهلي.

ذهبت مسرعةً والخوف يعتريني وعند وصولي شعرت أنني في مكانٍ لم أراه طوال حياتي، بيتنا الصغير الذي فيه ذكريات طفولتي قد صار فتاتاً لا أثر له ولا ورود حقله تعبقُ بالحياة.

فسقطت أرضاً بعد أن رأيت أبي وأمي تحت الركام، انقصم ظهري نصفين باستشهادهما.

وتحولت الدنيا بعد وفاة أبي وأمي إلى غمامةٍ سوداء، أصبحتُ وحيدةً معي أولادي أفتقد حنان الأم وعطف الأبِ ورأفة الزوج.

وما زلت رغم القهر المعتق في الوريد متمسكةً بالأمل البعيد علَ الله يجعل من صبرنا مخرجاً من الضيق والعناء.

“وفاء المحمد”

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى