تقارير

أجواء من الخوف والقلق تخيِّم على محافظة إدلب بعد عودة القصف إليها

حمزة العبدلله (كفرنبل_ادلب)

لم تمضي سوى أيَّام قليلة على عودة القصف الجوِّي والمدفعي والصاروخي على محافظة إدلب، وذلك على خلاف ما تمَّ التَّوصُّل إليه في مفاوضات ” أستانا “والتي ضمَّت المحافظة إلى مناطق “خفض التوتر”.

واستهدف القصف مدن وبلدات أرياف إدلب الجنوبيَّة والغربيَّة والشرقيَّة وأجزاءً من الشماليَّة، كما واستهدفت الغارات إدلب المدينة ما أوقع أضرار مادِّيَّة كبيرة، وخلف القصف على المحافظة عشرات الشُّهداء والجرحى المدنيين جلُّهم من الأطفال والنساء.

وكان النصيب الأكبر من الاستهداف للمشافي العامَّة ومراكز الدِّفاع المدني والمدارس والأسواق، وتعرضت مشافي (كفرنبل الجراحي– مشفى التوليد في بلدة التح- مشفى الرحمة في خان شيخون- ومشفى شام في كفرنبل) لغارات جوِّيَّة من طائرات الاحتلال الرُّوسي، مما أدى إلى خروجها جميعاً عن الخدمة، وإيقاف تقديم خدماتها الطّبِّيَّة للمدنيين.

لم تكن الأسواق الشعبيَّة في المدن والبلدات بمأمن من استهدفها، حيث تم استهداف السُّوق الرئيسي في مدينة جسر الشغور بالريف الغربي لإدلب من قبل طائرات النظام الحربيَّة، مما أدى إلى مجزرة مروِّعة بحقّ المدنيين راح ضحيتها ما يقارب 25 مدنيَّاً وعشرات الجرحى إضافة للدمار الكبير الذي سبَّبته الغارات على المدينة.

وانعكست عودة القصف على المحافظة بشكل سلبي على المدنيين كما وأثَّرت على حركة الأسواق الشعبيَّة والمدارس ومفاصل الحياة الأخرى، وكان التأثير الأكبر على المدنيين لا سيما أنَّهم كانوا يعيشون في حالة من الهدوء والاستقرار خلال الأشهر الماضية وأثارت عودة القصف على المحافظة الخوف والرعب في أنفس المدنيين.

كما وتأثَّرت حركة الأسواق كثيراً نتيجة الحملة الشَّرسة التي تشنها طائرات الاحتلال الروسي، وشهدت الأسواق خلال الأيام الماضية تراجعاً كبيراً من جهة إقبال المواطنين عليها لشراء احتياجاتهم اليوميَّة من خضروات وفواكه ولحوم ومستلزمات أخرى للمنزل.

“أحمد العمور” 35 عاماً أحد أهالي مدينة كفرنبل لفرش أون لاين: “قبل عودة القصف على المدينة، كانت الأسواق مكتظَّة بالنَّاس والشوارع مليئة بالمارَّة، كما كانت المدينة تعيش نوعاً من الأمن والأمان، اليوم وبعد عودة القصف، أصبحت خائفاً على أولادي وعائلتي ولا سيَّما بأن أصوات الطائرات تدب الرُّعب في قلوب الصغيرين والكبيرين”.

العمور أضاف: “اليوم عندما أريد أن أذهب إلى السوق لشراء احتياجات المنزل أصبحت أَحسِب ألف حساب وعندما أريد أن أذهب إلى أي مكان آخذ اللاسلكي معي (القبضة) كي أعرف أين مكان الاستهداف وهل من طائرات في سماء المدينة، بالفعل أصبحت الحياة كئيبة وصعبة ولم أعد أشعر بالأمان”.

ليست الأسواق وحدها من تأثرت سلباً بعودة القصف فالمدارس أيضاً ولا سيِّما أنه لم يمضي على افتتاحها إلا أيَّام قليلة جدَّاً، وتم إيقاف الدَّوام في المدارس وذلك حرصاً على حياتهم، فالمدارس أيضاً لم تَسلم من الاستهداف، حيث استهدفت الغارات الجوية العديد من المدارس خلال السَّنوات السابقة وارتكبت بحق الطُّلَّاب والمعلِّمين المجازر المروعة.

“أم أحمد” والدة أحد الطلاب في مدرسة العزيزية لفرش أونلاين: “فرحت كثيراً عندما افتُتحت المدراس وبدأت أُحضِّر أولادي للذَّهاب إليها من أجل تحصيل العلم النافع لهم، خصوصاً أنَّهم لم يُكملوا أيَّ سنة دراسيَّة سابقاً بسبب القصف، اليوم لا أستطيع إرسال أولادي إلى المدراس حرصاً على حياتهم وأتولَّى أنا ووالدهم القيام بتعليمهم بدلاً من المدرسة”.

مصير إدلب وريفها بات اليوم مجهولاً تماماً بسبب كثرة الاقاويل وغيابات التصريحات الرسميَّة، ما فتح الباب أمام تكهًنات وآراء جعلت الشارع يعيش حالة من الضياع والتخبُط على الأرض، والرؤوس مرتفعة إلى السَّماء تراقب طائرات لا رادع أخلاقي لها ولا إنساني.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى