مدونة المرأة

فقدان الأحبة كسر ظهري

اسمي فاطمة أبلع من العمر 50 سنة، تزوجتُ عندما كان عمري 15سنة من رجلٍ من البلدة المجاورة لمدينتي كفرنبل.

لديَ خمسُ بناتٍ وثلاثةُ أولاد، وزوجي كان يعمل في إحدى مؤسسات الدولة وكانت حياتنا بسيطة جداً، تعبت كثيراً في تربية وتعليم أولادي حتى أصبحوا جميعهم يافعين.

ابني الكبير أصبح معلم مدرسة وتزوج ولديه طفلان واستطاع بمساعدتنا أن يبني منزلاً قريباً من منزلنا وأخوه الثاني محمد تخرج وأصبح ممرضاً وتزوج في بداية الثورة.

وما أن اندلعت الثورة في بلدتنا حتى دخل جيش النظام وبدأ بإنشاء الحواجز، وقد كان أحد الحواجز بجانب منزلنا فكان ذلك سبباً لكي يبتعد أولادي عني، فلم يستطيعوا المجيء إلينا خوفاً من اعتقالهم كما أصبح إكمال عملهم صعباً جداً، ولكن لم يستسلموا لهذا ولم يتركوا عملهم، وفي أحد المرات تعرض ولدي الصغير أحمد إلى الاعتقال لفترة قصيرة، بتهمة مساعدة “الإرهابين” لكي يتسللوا إلى حاجزهم، ولكن هذا التهمة باطلة.

فأحمد كان يكمل دراسته في إدلب لكي يتخرج من المعهد ويبدأ بالعمل كي يساعدنا في مصاريف المنزل لأن والده قد تقاعد من العمل.

لم يبقى في السجن سوى ثلاثة أيام حتى أفرجوا عنه ، بعد ذلك خرج الجيش من البلدة ولكن فرحتنا بذلك لم تكتمل، فالجيش انسحب إلى حاجز بجانب البلدة، وبعد خروجهم أصبحوا يستهدفون بالمدفعية بلدتنا وبلدات أخرى، كانوا قد خرجوا منها أيضاً، فكان لمنزلنا نصيب في تلك القذائف ولكن لم يصب أحد بأذى فقط دمار بسيط قد أصاب المنزل، ولكن المشاكل والمصائب بدأت على عائلتي واحدة تلو الأخرى بعد ذلك، فقد تعرض زوجي إلى حادث سير أدى إلى كسر قدميه وجلوسه في المنزل ليصبح طريح الفراش لا يستطيع الحركة، ولكن المصيبة الأخرى التي أصابت عائلتي بعد حادث زوجي هي استشهاد ولدي محمد فقد كان محمداً يعمل في مشفى ميداني في البلدة .

وذات يوم استهدف الطيران مكاناً قريباً من المشفى فأصيب بشظايا في رأسه أودت بحياته خبر استشهاده كان صعبً جداً عليَ، لم أحتمله فمنذ أن استشهد بدأت الأمراض تنهك جسدي.

استشهاد ولدي محمد أثر على زوجي أيضاً فقد تعرض زوجي لجلطة دماغية أودت بحياته بعد شهر تقريباً.

والآن كل ما أستطيع فعله هو الصبر على البلاء، والوقوف إلى جانب أولادي لتستمر حياتنا رغم المآسي والمعاناة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى