تقارير

في ظل ظروف قاسية وانتشار كورونا.. كيف تتعامل المنظمات مع أصحاب الأمراض المزمنة

تعرضت البنية التحتية الطبية من كوادر ومراكز طبية ومستشفيات في المناطق الشمالية الغربية من سوريا، لضغوطات ومصاعب كبيرة مع الأزمة السكانية المفاجئة والتي بدأت إثر موجات النزوح التي شهدتها المنطقة خلال العامين الماضيين، والتي أدت لعجز كبير في الموارد الطبية والمعدات الممنوحة من جهات دولية ومحلية، الأمر الذي خلف تحديات أكبر من قدرة تحمل تلك الكوادر.

وبدأ الوضع الصحي في التدهور منذ بدأ الثورة السورية، فسجلت الأراضي السورية وخاصة المناطق المحررة نقصاً في المستلزمات الطبية سيما الأدوية، والكوادر الطبية مع الهجرة الكبيرة في صفوف الأطباء والممرضين وغيرهم، كما تسبب الغارات الجوية والقصف المدفعي من قبل قوات نظام الأسد والميليشيات الموالية له بدمار عدد من المشافي والعيادات وخروجها عن الخدمة.

وأدت تلك العوامل لظهور عجز كبير في علاج الأمراض وخاصة المزمنة منها، الأمر الذي دفع المنظمات في أرياف إدلب وحلب، الى التعامل مع هذه الحالات بالمساعدات وتقديم التسهيلات لتلقي العلاج في الداخل والخارج. 

الدكتور معن كنجو المنسق الصحي في منظمة أوسم يقول لفرش أونلاين في حديث خاص: ” تأسست منظمة أوسم عام 2012، بعد اتحاد عدة منظمات غير حكومية بهدف تقديم الرعاية الصحية للمحتاجين في المناطق المحررة، وتولي المنظمة اهتماماً كبيراً لمصابي الأمراض المزمنة (كالسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية …)، إذ هدفت المنظمة منذ تأسيسها لمساعدة هؤلاء المرضى وتقديم الرعاية الطبية المناسبة، إضافة لتقديم الأدوية بشكل مجاني وشبه دائم، وضبط حالة المرض ومتابعته بشكل جيد”.

تأمين الدواء للمرضى

وطال الغلاء قطاع الأدوية والمستلزمات الطبية ليشمل احتياجات غالبية المصابين بالأمراض المزمنة وخاصة كبار السن، ويعرقل ارتفاع أسعار الأدوية حصول المرضى، على الاحتياجات اللازمة من أصناف الدواء المستورد لاسيما الدواء الخاص بالأمراض المزمنة، إذ يتوجب على هؤلاء المرضى تناول الدواء بشكل مستمر، وقد يشكل انقطاع الدواء عنهم لفترات قصيرة أو طويلة خطراً يهدد حياتهم.

يقول كنجو خلال حديثه لفرش أونلاين:” يقوم المرضى بالتسجيل في مراكز منظمة أوسم المنتشرة في المناطق المحرر، ليتم منحهم بعد ذلك بطاقة مريض مزمن، إذ تسمح هذه البطاقة بتأمين الأدوية مجاناً وبشكل دوري”.

يضيف الكنجو أن المنظمة تقوم بشراء أغلب الأدوية من الجانب التركي وذلك حرصاً منها على استقرار سوق الأدوية في الداخل السوري، والذي يشهد ارتفاعاً حاداً في أسعار الدواء وخاصةً الأنواع المستوردة منه.

إحالة الحالات المرضية إلى تركيا

وتواجه المنظمات العاملة في المجال الإنساني صعوبات في الاستجابة من الجانب التركي، لإدخال الحالات الطبية لعلاجها في المشافي التركية، إذ تلبى بعض الحالات الحرجة وتتم تقييم الحالات من قبل أطباء في الداخل التركي، إذ أن الحكومة التركية تقفل المعبر الحدودي مع سوريا بعض الأحيان، وذلك أثناء محاولتها لاحتواء إصابات وباء كورونا.

وبحسب المنسق الطبي لمنظمة أوسم في الداخل السوري، فإن المراكز التي تقدم رعاية أولية ترتبط مع مراكز الرعاية الثانوية بشكل دائم، في حال كان المريض يحتاج للإحالة تقوم المنظمة بإحالته للمراكز الأكثر تخصصاً خاصةً المشافي التي تساهم في إحالة المرضى لتلقي العلاج في المشافي التركية.

ويشير الكنجو أنه لا يتم قبل جميع الحالات للعلاج في تركيا، بل تقتصر حالات القبول على الحالات المرضية الغير قابلة للعلاج في الداخل السوري، إذ تقوم المنظمة بالتواصل مع الجانب التركي وتنظم دخولها للأراض التركية وتلقي العلاج في المستشفيات التركية.

الصعوبات في ظل انتشار كورونا

وعن التحديات التي تواجه الكوادر الطبية في المناطق المحررة، يقول معن كنجو: ” تجلت الصعوبات الحقيقية بعد انتشار جائحة فيروس كورونا، إذ أنه من الخطر جداً على أصحاب المرض المزمن الحضور إلى المراكز الصحية، حيث أن الصعوبة التي واجهها الكادر هي في كيفية إقناع المرضى بضرورة عدم قدومهم للمركز الصحي”.

يضيف الدكتور كنجو: ” وتم تامين الدواء ومضاعفة كمياته من خلال الاتصالات، إضافة لتغطية الاحتياج في حال اتصال المريض لمدة شهرين، إذ خصصت المنظمة عشرات الهواتف في المراكز تختص في مراجعة وتقييم الحالة الصحية للمرضى وذلك بهدف تجنيب المرضى المزمنين من الحضور لما في ذلك من خطر”.

وبمشاركة منظمة الصحة العالمية، تم اخضاع الكوادر الطبية في منظمة أوسم لدورات تدريبية مكثفة بأحدث المعايير المستخدمة من قبل منظمة الصحة العالمية، تهدف لتغير ثقافة الكادر الطبي نحو تعامل أفضل مع هذه الأمراض المزمنة، إضافةً لزيادة الوعي لدى الكوادر والمرضى والتي من شأنها أن تضبط هذه الأمراض بشكل أكبر وتخفف من تأثيرها المباشر بحياة المرضى اليومية.

إعداد: محمد الموسى

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى