تقارير

عمال اليومية.. ساعات عمل طويلة مقابل أجور زهيدة

يخرج رافع العلوش (نازح من مدينة كفرنبل) إلى عمله صباح كل يوم، مع إحدى ورشات البناء في ريف إدلب الشمالي، ليحصل على مبلغ زهيد لا يكفي لتغطية نفقات المنزل.

يحصل رافع على مبلغ 25 ليرة تركية كأجرة يومية بعد عمله لقرابة ثمان ساعات يومياً في مهنة البناء الشاقة، مبلغٌ بالكاد يؤمن له ولعائلته مستلزمات منزله الأساسية.

يقول رافع العلوش في حديثه لفرش أونلاين: “بعد خروجي من مدينتي بسبب قصف قوات نظام الأسد لها، اضطررت للسكن في إحدى المخيمات القريبة من الحدود التركية، ونظراً لسوء الوضع المادي اضطررت للعمل في مهنة البناء من أجل كسب قوت عائلتي اليومي”.

ويضيف: “لم أوفق بالحصول على عمل لفترة طويلة، وبعدها تمكنت من العمل في إحدى ورشات البناء التي تعمل على بناء المخيمات في المنطقة الحدودية، وبالرغم من صعوبة العمل إلا أن أجرته اليومية تعتبر الأفضل، قياساً بالأعمال الأخرى”.

وتعتبر مهنة البناء من المهن الشاقة نظراً لصعوبتها وما قد تسببه من مشاكل صحية من آلام المفاصل والظهر، وتتطلب بنية جسمية قوية لرفع الأثقال والأحمال، بحسب ما يقوله “العلوش”.

ويضطر قسم كبير من الشباب إلى العمل فيها، في وقت تندر فيه فرص العمل في منطقة الشمال السوري.

      ساعات عمل طويلة وأجور زهيدة

يضطر قسم كبير من الشباب إلى العمل ساعات طويلة في اليوم، تتراوح بين ثمانية إلى عشر ساعات مقابل أجور قليلة، في ظل انعدام فرص العمل وارتفاع الكثافة السكانية في المنطقة، مما يجعل الحصول على عمل من الأمور الصعبة لشريحة كبيرة من المواطنين.

وتتراوح “اليومية” كما يطلق عليها من قبل السكان، بين 15 و 30 ليرة تركية ( بعد اعتماد التداول بالليرة التركية بدلاً من السورية)، وهو ما يشتكي منه غالبية العمال.

ينطبق حال “رافع” على آلاف المواطنين في الشمال السوري، الذين يعملون بأعمال مختلفة ويحصلون في نهاية اليوم على أجرة زهيدة لا تكفي لسد الاحتياجات الأساسية.

يقول أحمد كريدي (نازح من مدينة خان شيخون) لفرش أونلاين: “أعمل في الأعمال الحرة بمعدل ثلاثة إلى خمسة أيام في الأسبوع، وأكسب في نهاية اليوم 15 ليرة تركية، وهو مبلغ زهيد لا يكفي لشراء الخبز والخضروات إضافة لقطعة من الثلج”.

وأضاف: “طالبت مراراً وتكراراً بزيادة اليومية دون جدوى، وفي كل مرة أطالب فيها يكون الجواب “إن لم تعجبك اليومية لا تعمل، فهناك المئات ينتظرون”، وهو ما يجبرني على العمل حتى لا أخسر تلك الليرات القليلة التي أسد بها جزء من متطلبات المعيشة”.

وتواجه عمال “المياومة” العديد من الصعوبات أبرزها، ساعات العمل الطويلة، وانخفاض الأجور، وعدم وجود عمل دائم، بحسب ما أشار إليه “كريدي”.

ودفعت ندرة فرص العمل في شمال غربي سوريا، الكثير من المواطنين للعمل بأجور قليلة غير ثابتة لا تناسب الغلاء المعيشي في ظل الظروف الاقتصادية المتردية في المنطقة.

وتشهد المنطقة ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة البطالة التي وصلت إلى 89%، بحسب إحصائية سابقة لفريق “منسقو استجابة سوريا”.

وأشار الفريق في الاستبيان، أن” نسبة  البطالة عند الشباب دون الخامسة والعشرين عاماً تقدر ب 85%، و 50% لمن تفوق أعمارهم الخامسة والثلاثين”.

وبحسب استبيان سابق للفريق، فإن نسبة العاملين من الرجال 35%، أما النساء 17%.

ويقدر دخل عمال “المياومة” في محافظة إدلب شهرياً، بما لا يتجاوز 55 دولار أمريكي، وهو أقل من المعدل العام في سوريا الذي يبلغ 63 دولاراً، بحسب تقييم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.

ويجمع عمال “اليومية” ممن أجرت فرش اونلاين لقاءات معهم، أن تبديل التداول من الليرة السورية إلى التركية فاقم الوضع سوءاً، بسبب تقلبات سعر صرفها، وما يرافقها من ارتفاع لجميع المواد، في حين تبقى أجور العاملين دون زيادة وبسعر ما كانت عليه أثناء التداول بالليرة السورية.

وكانت الحكومتين المؤقتة والإنقاذ شمال غربي سوريا، أصدرتا في شهر حزيران عام 2020،  قراراً ببدء التداول بالعملة التركية بدلاً من السورية.

بين ساعات العمل الطويلة وقلة الأجور، يجبر آلاف المواطنين على العمل لتحصيل القليل من المال، علهم يستطيعون تأمين جزءًا من متطلبات المعيشة في وقت تشهد فيه المنطقة تدهوراً اقتصادياً وقلة فرص العمل وانتشار البطالة.

إعداد حمزة العبدالله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى