مدونة المرأة

خرجت الرصاصة من البندقية لتستقر في صدر ولدي

اسمي “مريم” أبلغ من العمر خمسين سنة، تزوجت عندما كان عمري 14سنة من ابن عمي، كانت حياتنا هادئة بسيطة يسودها المحبة والسعادة، زوجي كان يمتلك محل “قصابة”، بقيت حوالي الخمس سنوات دون أن أرزق بأولاد، لم يكن هناك الكثير من الأطباء لكي أتعالج، ولكن بعد كل هذا الانتظار رزقت بطفلة جعلت حياتنا مليئةً بالسعادة والفرح وبعدها أنعم الله علينا بثمانية صبيان وأربعة بنات.

قبل عامٍ من اندلاع الثورة زوجت ابني الكبير “محمد” من ابنة عمه التي كان يحبها كثيراً، وتمت مراسيم الزفاف على أكمل وجه وكانت الفرحة تغمر قلوبنا، وبعد حوالي ستة أشهر على زواجهم  اندلعت الثورة السورية، فكان زوجي وولدي من أوائل المشاركين فيها، كانت البداية تقتصر على خروج المظاهرات ولكن دخول الجيش إلى المدن والبلدات أجبرهم على حمل السلاح، ولم يعد زوجي وولدي يستطيعان البقاء في المنزل لتواجده على الشارع الرئيسي ونشر حاجز للجيش بقربه، فذهبا للاختباء في منزل متواجد على أطراف البلدة لابن عمي كانوا يجلسون فيها في النهار أما في الليل فقد كانوا يأتون سراً من أجل أن لا يراهما أحد، بقيا على هذا الوضع مدة خمس أشهر متواصلة.

في أحد الأيام قام ولدي هو ومجموعة من أصدقائه بمهاجمة إحدى الحواجز المتواجدة في البلدة ..أصوات الرصاص كانت كثيفة جداً في تلك الليلة، حينها بدأت بالدعاء لهم والحمد لله لم يصب أحد بأي مكروه ولكن بعد عودتهم إلى تلك الغرفة كان ولدي منهكاً جداً ما دفعه للنوم قليلاً، وكان صديقه قد بدأ بتنظيف سلاحه حينها لم ينتبه إلى وجود رصاصة في البندقية ودون وعي من الشاب خرجت الرصاصة لتخترق صدر ولدي، قام رفاقه بإسعافه إلى المشفى ولكن الرصاصة كانت قد استقرت في قلبه وفارق الحياة، عادوا به إلى منزل عمه وعندما أخبروني لم أصدق هذا الكلام فكنا ننتظر قدومه لكي أخبره بأنه سيرزق بطفل، لكنه فارقنا قبل أن يعلم بأنه سيصبح أباً، كانت صدمة كبيرة بالنسبة لي فقدانه كسر ظهري، واسودت الدنيا في عيوني، بقيت أنتظر مولوده لعله يواسيني بعض شيء بعد غياب والده.

بعد مرور سبعة أشهر وضعت زوجة ولدي مولودها، كان يشبه والده كثيراً عادت الفرحة إلى قلبي بعض الشيء وأتمنى أن يكبر حفيدي وأرى أولاده أمام عيني.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى