منوعات

الباحثة الجزائرية يمينة بوشيخ تنتج مصنوعات جلدية من البكتيريا والمخلفات العضوية

ركزت الباحثة الجزائرية الشابة يمينة بوشيخ (37 سنة) في أبحاثها العلمية على تغذية البكتيريا وتوفير الظروف الملائمة لنموها وتكاثرها من أجل استغلالها في إنتاج مواد عضوية مفيدة بدل محاربتها والقضاء عليها، وهو ما جعلها تحصل على إشادة وتشجيع من الاتحاد الأوروبي.

وفي حوار مع الجزيرة نت عبر الهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي تتحدث يمينة عن الوجه الآخر لهذه المخلوقات المجهرية التي نحاربها.

الباحثة المغربية نزهة مجاد: الجامعات الإيطالية متميزة في علوم البحار

أعمل حاليا باحثة في المعهد الوطني للبحث الزراعي (آي إن آر إيه إيه) “INRAA” في الجزائر بصفتي دكتورة في البيولوجيا ورئيسة فرقة بحث مختصة في تثمين الموارد الطبيعية النباتية البكتيرية والفطرية لاستعمالها في عدة مجالات، ومن بين تلك المجالات الفلاحة، حيث نعمل على صناعة سماد ومبيدات عضوية باستعمال الفطريات والنباتات المحلية.

حصلت يمينة بوشيخ على إشادة وتشجيع الاتحاد الأوروبي لأبحاثها وتطبيقاتها العملية (مواقع التواصل)

في الواقع، قضيت معظم طفولتي في مزرعة جدي رحمه الله، وكان شديد التعلق بأرضه وشغوفا ومتفانيا في خدمتها، فحولها إلى مساحة تنمو فيها العديد من الخضروات والفواكه وتعيش فيها الكثير من الحيوانات.

ولأنه كان قليل الكلام كثير العمل ويعيش وحيدا في غرفة متواضعة فقد شغل تفكيري كثيرا وتحول إلى مصدر إلهامي، ودفع بي تلقائيا إلى حب الأرض ومنه الاهتمام بعلوم الأحياء والبيئة بصفة خاصة، حصلت على عدة شهادات، منها مهندسة دولة في الأنظمة البيئية، وشهادة ماجستير في البيئة وفسيولوجيا النبات.

تعملين على البكتيريا المفيدة، هل يمكن أن تقدمي لنا تفاصيل أكثر عن البحث في هذا المجال؟

انضمامي إلى المعهد الوطني للبحث الزراعي وانخراطي في فرق ومشاريع بحث جعلاني أهتم بعلم الأحياء الدقيقة “عالم البكتيريا” لكن من منظور مختلف عن زملائي، في العادة يهتم الباحثون في هذا المجال العلمي بالأضرار التي تسببها البكتيريا وآثارها السلبية على النباتات والمنتجات الفلاحية، ولهذا نجد معظم المشاريع البحثية تركز على دراسة كيفية القضاء أو الحد من أثر هذه المخلوقات المجهرية.

في حين أن خلفيتي العلمية مكنتني من تشكيل نظرة مغايرة عن هذا العالم الخفي، ودفعتني إلى التركيز بدلا من ذلك على الدور الفعال والمهم لهذه المخلوقات في النظام البيولوجي، وهو ليس أمرا جديدا فلطالما استعمل الإنسان البكتيريا في صناعات عدة، منها صناعة الأغذية والمشروبات المخمرة.

تحديات العصر الحالي تدفعنا إلى تغيير نظرتنا إلى طرق إنتاج ما نستهلكه نظرا للآثار السلبية التي تخلفها الصناعة الملوثة على البيئة، وبالتالي فإن استعمال البكتيريا مثير للاهتمام باعتبارها المصنع البيولوجي الأكثر تطورا في الأرض، من حيث قدرتها على تصنيع وإنتاج مواد مختلفة بأقل تكلفة اقتصادية وبيئية.

شخصيا، أعتبر البكتيريا زعيمة جميع الكائنات وذات طابع ذكي ومفيد، وهي ميزة لا يمكن تفويتها، وتحتاج منا إلى المزيد من الاهتمام والابتكار في توظيفها لإنشاء مواد إيكولوجية مستدامة مثل الجلود النباتية.

جلد نباتي مصنّع من قبل مؤسسة يمينة بوشيخ باستخدام البكتيريا (مواقع إلكترونية)

بدأ المشروع بعدما شاركنا في برنامج إقليمي “نكست سوسيتي” يقوم على مساعدة الباحثين لتطوير بحوثهم إلى مشاريع شركات ناشئة، وحصلنا على المركز الأول في الجزائر، مما مكننا من الاستفادة من التدريب في عدة مواضيع خاصة بالمقاولاتية (ريادة الأعمال) ودعم مالي لتطوير المشروع.

وهو عبارة عن شركة ناشئة تحمل اسم “تنمو” تصنع مواد نحتاجها في حياتنا اليومية كالجلد والقماش بطريقة مبتكرة وبأقل تكلفة اقتصادية وبيئية باستعمال البكتيريا، مشروعنا يقوم باستغلال وتثمين النفايات العضوية التي ترمى من المنازل والمصانع الغذائية في القمامة عبر تحويلها إلى غذاء للبكتيريا التي بدورها تقوم بتصنيع مركبات بوليمرات نحولها بطريقة مبتكرة في المختبر إلى جلد نباتي، وما زلنا نعمل على تطوير الشركة وتسويق الجلد البكتيري لشركات الموضة ومصممي الأزياء في الوطن العربي.

الجلد النباتي المنتج من قبل شركة “تنمو” يتحول إلى مصنوعات مفيدة (مواقع التواصل)

في الأخير، كيف يمكن أن يدفع البحث العلمي نحو المقاولاتية؟

كباحثة وجدتُ مجال المقاولاتية مثيرا للاهتمام من حيث مستوى الحرية الذي يوفره لتطوير الفكرة العلمية وتنميتها والعمل عليها حتى لو كنت الوحيدة التي أؤمن بها.

المقاولاتية جعلتني أؤمن بأن شركتي الصغيرة مثلا قادرة على التأثير في المجتمع اقتصاديا وبيئيا بطريقة أكثر فاعلية من العمل باحثة تقضي معظم وقتها في المختبر لإنتاج بحوث علمية لا أثر لها على الاقتصاد والمجتمع.

المصدر: الجزيرة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى