منوعات

“أحلام الرشيد” نازحة سورية اختيرت من بين 100 امرأة مؤثرة في العالم

عانت ويلات الحرب ونزحت وتهجّرت وحملت جراحها على أكتافها بعد أن فقدت بيتها ووالدها وشقيقها، ولكنها لم تفقد القدرة على العطاء وعلى منح القوة والأمل للناس الذين شعروا بالضعف واليأس في لحظة ما، وآلت الناشطة الاجتماعية “أحلام الرشيد”على نفسها أن تكون مثالاً ملهماً للمرأة السورية تدافع عن حقوقها وتأخذ بيدها لتحجز لنفسها مكانة فاعلة ومؤثرة، ونتيجة لنشاطها الريادي والمتنوع هذا تم اختيارها ضمن أكثر 100 امرأة إلهاماً وتأثيراً في العالم ضمن التصنيف الذي أجرته شبكة “bbc” البريطانية منذ سنتين.
 
وتنحدر “أحلام الرشيد” وهي أم لأربعة أبناء من بلدة “حاس” بمعرة النعمان، حصلت على شهادة الأدب العربي ودبلوم التأهيل التربوي ولم تكمل درجة الماجستير رغم تسجيلها بسبب الظروف ونظراً لسفرها إلى ليبيا مع زوجها الذي ارتبط بعمل وظيفي هناك، وعملت بين عامي 1990 و2013 في تدريس اللغة العربية للمراحل كافة ونزحت كمئات الآلاف من السوريات إلى المناطق البعيدة نوعاً ما عن القصف والدمار، وأثناء هذا النزوح كان لا بد – كما تروي لـ”زمان الوصل”- أن تقف إلى جانب النساء، وعملت بشكل تطوعي في تنظيم دورات تقوية للمرحلتين الإعدادية والثانوية وللطلاب الصغار، كما عملت لمدة أكثر من عام في تنظيم جلسات توعية صحية واجتماعية ونفسية بشكل طوعي.
 
وساهمت بنفسها في الحد من الزواج المبكر في محيطها، حيث تم إيقاف ثلاث حالات، ونظّمت جلسات محو أمية وتحفيظ النساء للقرآن الكريم وجلسات تعليم اللغة الإنجليزية للمبتدئات، كما عملت مع العديد من المنظمات الإنسانية كـ ميدكال” ومنظمة IRC لجنة الإنقاذ الدولية كمديرة لمراكز حماية المرأة وتمكينها.
 
وأشرفت على أكثر من 16 مركزاً للمنظمة المذكورة، وعلى تدريب الشبان والشابات في مجالات الحماية، وعملت أحلام مع منظمة دولية معنية بالتوعية حول العنف ضد المرأة بعد أن تلقت تدريباً على Gender based violence (GBV أي العنف القائم على أساس النوع الاجتماعي، وخاصة زمن الحرب.
 
افتتحت “أحلام” مراكز للتدريب والتعليم في بلدة “أطمة” على الحدود السورية التركية وخرّجت عشرات الطلاب والمعلمات في عدد من المجالات منها الإنساني والتعليمي ودربت بعد ذلك ما يقارب 4800 متدرب في كل المناطق المحررة من سوريا وأكثر من 1000 شخص منهم وجدوا فرص عمل بعد تلقيهم هذه التدريبات.
 
وتضيف محدثتنا أن أكثر من 10 طلاب وطالبات ممن دربتهم يدرسون في كليات الطب، وبعضهم تخرج بعد أن كادوا يفقدوا فرص دراستهم، وكانت الفتيات على وشك الزواج المبكر من قبل أهاليهن، وفي هذا السياق دربت نحو 700 شخص للتعامل مع حالات زواج الفتيات المبكر، وما يزيد عن ألفي شخص لنشر ثقافة مضادة للعنف ضد المرأة في ريف إدلب.
 
وكانت “أحلام” ـ حسب قولها- تقف إلى جانب النساء أثناء حركات النزوح التي كانت تتم من حلب وريف حماة وريف إدلب ومن الغوطة بدمشق، تتفقد أوضاعهن وتقف على حاجياتهن الأساسية، ومالذي يمكن تقديمه لهن على مستوى الدعم النفسي، ومساعدة المرأة على تطوير قدراتها وكيفية امتلاكها للخبرة في مواجهة الحياة، وتمكينها في مهن عدة كالخياطة والتطريز والنسيج لتأمين لقمة “عيش كريمة”، وإكمال مشوار حياتها دون أن تتعرض لأي أذى أو استغلال من قبل أي كان.
 
ولم يغبْ الجانب الإنساني والإغاثي عن دائرة اهتمام الناشطة المعراوية، إذ عملت في مجال توزيع الملابس على النازحين، بالإضافة إلى تفقد أحوال المهجرين في المناطق الحدودية بشكل دوري، وزيارة العائلات التي ليس لها مأوى في منطقة “أطمة” الحدودية، ومساعدة فاقدي الأطراف من الرجال والنساء في تركيب أطراف صناعية وتأمين حاجيات المعوقين.
 
وحول كيفية ترشيحها من قبل شبكة “bbc” لتكون ضمن أكثر 100 امرأة الهاماً وتأثيراً في العالم روت الناشطة “أحلام” أن مشرفتها في منظمة “ميدكال” في مجال برنامج حماية المرأة في الشمال السوري أعجبت بنشاطها وعملها الإنساني فأخبرت صديقة صحفية لها تعمل في محطة “bbc”، وكانت هذه الصحفية –كما تقول محدثتنا- تبحث عن إنسانة تعمل في المجال التعليمي وحماية الأسرة والفتيات فأشارت عليها المشرفة أن تتواصل معي، وتابعت أحلام أن الصحفية تواصلت بالفعل لمدة شهر ونصف ودونت كل المعلومات المتعلقة بنشاطاتها وعملها ومن خلال الوثائق والصور تم اختيارها ضمن 100 امرأة مؤثرة في العالم عام 2017 واختيرت فيما بعد للمشاركة في مسابقة “صناع التغير” في الوطن العربي بعد ترشيحات دامت أكتر من شهرين لتفوز بالوسام الذهبي لصناع التغيير لعام الماضي2018.
 
وحول رأيها بالتحديات التي تواجه المرأة قي الشمال السوري في ظل الحرب أوضحت الرائدة الاجتماعية أن أغلب هذه التحديات تتعلق بالعادات والتقاليد والأعراف وتقليص دور المرأة تحت مظلة الدين، وفرض الهيمنة الدينية لتهميشها وإقصائهاعن دائرة الفعل والتأثير، رغم أن الدين الإسلامي براء من ذلك، لأن المرأة -كما تقول- خُلقت لتكون إنسانة معطاءة تعمل مثل الرجل، وهي التي تحمل وتنجب وتربي الأجيال، ومن حقها الحصول على التعليم وفرص العمل، ومن حقها كذلك اتخاذ قرارها باختيار الشريك ورفض العنف الممارس ضدها أياً كان لأنها مثل كل المخلوقات لها حقوق وعليها واجبات.
 
وعبّرت محدثتنا عن طموحها بأن يصبح الوضع التعليمي أفضل في مجتمعاتنا لأن الوضع إذا استمر على هذه الحال سيؤدي إلى فقدان أجيال وليس جيلاً واحداً، معربة عن أملها بأن تنتهي الحرب ويعود الناس إلى بيوتهم ومنازلهم وأن نطوي الخيام لتطوى معها آلام سنوات من العذاب والتشرد والقهر.
 
زمان الوصل

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى