مدونة المرأة

رغم صغر سنها لم تستسلم لواقعها

وفاء المحمد (كفرنبل -إدلب)

استشهد زوجها وهي في زهرة العمر في التاسعة عشرة من عمرها وترك لها طفلها الصغير الذي لا يتجاوز عمره الستة أشهر الذي لم تكتمل فرحتهما به حتى تركه أباه ورحل… رحل وترك لها حمل كبير.

لم تتقبل “مها” الأمر في البداية، فقد كانت صدمتها كبيرة، فكيف لها أن تعيش بدون زوج ومعيل، ولديها طفل رضيع لا يعرف شيئًا عن الحياة سوى أن يأكل وينام ويلعب، لا يعرف حجم المعاناة التي تعيشها أمه بعد أن زُفَّ والده شهيدًا.

في تلك الغرفة الصغيرة التي كانت تعيش فيها مع زوجها، قررت أن تكرس نفسها ووقتها لطفلها، وذلك لأن مها فقدت أمها وهي في السابعة من عمرها إثر مرض قلبي، لقد عاشت طفولتها بلا حضن يفيض بالحنان تغفو فيه ليلاً وتستيقظ على صوته صباحًا، فهي لا تريد لطفلها أن يعيش الحياة المأساوية التي عاشتها في صغرها بعد وفاة والدتها.

رفضت جميع فرص الزواج التي أتيحت لها، رغم محاولات أهلها إقناعها بذلك، وقالت لهم: “سأعيش لتربية ولدي فقط لا أريده أن يعيش محرومًا من أمه، وسأبحث عن عمل أؤمن به متطلبات ولدي”.

بحثت مها عن عمل، حيث كَثُرت مجالات عمل المرأة في ظل الثورة، التحقت في البداية بدورات لتعليم المرأة مهنة الخياطة، لعلها تتقن المهنة وتعمل بها، حضرت الدورة وتابعتها حتى النهاية وحصلت على شهادة خبرة في مجال الخياطة.

كانت مها قد ادخرت مبلغًا من المال، اشترت به آلة للخياطة وأصبحت تخيط الفساتين للنساء، وكانت انطلاقة جيدة بالنسبة لها، حتى تمكنت من تطوير عملها وراحت تشتري الأقمشة وتخيطها وتبيعه للنساء.

رغم صغر سنها إلا أنها تمكنت بعزيمة وإصرار من تحدي الظروف القاسية التي مرت بها في ظل الثورة، فقد كانت الأب والأم معًا في سبيل تربية ولدها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى