مدونة المرأة

بعد فقداني لأبوي أصبحت حياتي مظلمة كسواد الليل

 

أنا ايمان أبلغ من العمر 23عاماً، درست في معهد للمعلوماتية في مدينة إدلب مدة سنة ونصف، ومن بعد ذلك لم أعد أستطيع إكمال دراستي بسبب الاشتباكات التي كانت تدور بين نظام الأسد والجيش الحر، مما جعلني اضطر لتركها في ذلك الوقت، بعدها بدأت أفكر كيف لي أن أكملها فقد كان ذلك حلمي، وبقيت على أمل متابعتها ريثما تهدأ الأوضاع ويصبح ذهابي للمعهد آمن.

ولكن مع مرور الوقت ازدادت الأوضاع سوءً، وبدأ الطيران الحربي يقصف بلدتنا وبلدات أخرى، ولم تعد الحياة سهلة بالنسبة للجميع أردنا أنا وأمي أن نذهب إلى تركيا بحثاَ عن حياة أفضل بعيدة عن الدمار الذي تخلفه طائرات الأسد، ولكن أبي كان معارضاً على ذلك فهو يكره الغربة ويفضل العيش في وطنه، فقد كان يقول لنا دائماً:” الغربة صعبة وما بعد الضيق إلا الفرج”.

أملي في إكمال دراستي بات شيء مستحيل، فقد استشهد والدي أثناء ذهابه إلى السوق، حيث أتت طائرة حربية كانت على عجلة من أمرها وألقت صاروخاً مكان وجود أبي وآخرون هناك، واستشهاده شكل صدمة قاسية وكبيرة لدي، فقد كان والدي يقول لي دائماً أنه هو من سيأخذني إلى المعهد إن بقيت الأوضاع التي تجري بإدلب هادئة، فهو سندي الوحيد الذي يجعلني قوية أمام المصاعب التي أمر بها.

والدي كان أستاذ مهني في الصناعة ويتلقى راتباً، ولكن بعد استشهاده انقطع راتبه فبقيت بلا معين أنا وأمي وإخوتي الصغار، وجميعهم يحتاج لمن يؤمن لهم متطلباتهم، وتأمينها ليس سهلاً في ظل تلك الظروف التي مررننا بها.

وهو من كان يدبر كل شيء، وكان لنا كل شيء، كان الأب والأخ والصديق، كيف بهذه السرعة كأنه لم يكن، وانطفأ كالشمعة التي تنير منزلنا.

لم تقف معاناتي عند وفاة أبي فحسب، بل امتدت لتصل لفقداني أمي، فجأة وفي صباح أحد الأيام استيقظت على صراخ أختي الرهيب وهي تنادي والدتي لتنهض، ولكن الأوان كان قد فات وغادرت روحها منزلنا، فلن أنسى وفاتها التي تفاجئنا بها جميعاَ.

بعدها لم أستطع تقبّل الأمر، أصابتني حالة انهيار شديدة، كيف بهذه السرعة فقدت جزءاً من روحي، وأصاب المنزل الكآبة بعد رحيل أبي وأمي.

(أية عبد السلام)

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى