مدونة المرأة

غارة جوية غادرة أفقدتني كل أهلي

 

أنا أم علي أبلغ من العمر (45) عاماً، تزوجت في مدينة كفرنبل، بعدها ذهبت مع زوجي للسكن في مملكة الأردن كونه يعمل هناك، ورزقني الله هناك بطفلين، وبعد مدة بدأ عمل زوجي يتراجع، فقررنا العودة إلى دمشق والسكن فيها، وبعد مضي عدة شهور علينا لم يوفق زوجي بعمله أيضاً، ولم نجد سوى العودة إلى مدينتنا كفرنبل.

وعند عودتنا اشترى زوجي سيارة أجرة للعمل عليها، وخلال هذه الفترة رزقني الله بثلاثة أطفال، فأصبح لدي ابنتان وثلاثة صبيان، الا أن زوجي خلال هذه الفترة لم يوفق بعمله أيضاً فقرر السفر مرة أخرى، وكانت وجهته هذه المرة مدينة السعودية، وبعد مغادرته بدأت معاناتي القاسية، في تأمين لقمة العيش، والعمل في الأراضي الزراعية، وأي عمل أستطيع القيام به، حتى يعود لي بمبلغ مالي ألبي به حاجات أولادي، والذي كان سببه عدم استقرار زوجي وعدم استطاعته إرسال المال لقلة عمله حتى استقر به المطاف في دولة مصر.

وبعد قيام الثورة دخل الجيش إلى مدينتي وكثرت الحواجز داخلها، بعدها لم نعد نعرف طعم الراحة وأصبحنا نعيش خوفاً كبيراً، لأننا لم نعد نعرف في أي وقت ينهمر الرصاص في شوارع وأزقة المدينة، وكلما حل الليل كنت أبدأ بالبكاء وأزرف الدموع، وأنا أنظر لأولادي النائمين، وأدعو الله أن يحميهم ويقوي عزيمتي كوني المعيل والأب والأم في آن واحد.

وفي عام 2012 تم تحرير مدينة كفرنبل، لتبدأ بعدها معاناة جديدة وشديدة القسوة وهي قصف الطائرات للمدينة بالصواريخ والبراميل المتفجرة، فلم نعد نشعر سوى بالخوف الذي يعشعش بداخلنا ودمار من حولنا، وغياب طعم النوم والراحة من أعيننا، حتى ذلك اليوم الذي حلق فيه الطيران الحربي ورمى بصواريخه داخل المدينة، لتنفجر داخلها وتتعالى أعمدة الدخان وتسمع صوت سيارات الإسعاف، وهنا كانت المفاجئة!! فهدفها منزل والديّ وأقربائي.

صعقت بالخبر وهول المنظر وبدأت أركض كالتائهة، وأبحث بين الأبنية والأسقف المهدمة عن والديّ وأقربائي، لأصحو على مجزرة بحقهم، فقد استشهدت أمي وجدتي وإخوتي الاثنين وابنة عمتي وابنتها، بت أحس بعدها بأن النيران اشتعلت في قلبي، وجفت دمعتي في عيني، ولم أعد أتوازن، فحجم المصيبة كسر ظهري.

وبعد الذي حدث بعث زوجي لنا المال وقررت الخروج لعلي أحافظ على أولادي، عدا ابنتي التي تزوجت مسبقاً، لأتركها خلفي مع زوجها وقلبي يحترق لفراقها وبعدي عنها.

أما الآن فقد زوجت ولدي وأعيش في الأردن، وزوجي في مصر، والذي يزورنا بين الحين والآخر، لكني أفتقد وطني وابنتي فيه وأتوق شوقاً للعودة ورؤيتها أمام عيني، ولرؤية ولديها اللذان لا يعرفاني سوى من شاشة الهاتف.

(تغريد-العبد الله)

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى