مدونة المرأة

أم يوسف تتاجر بالألبسة والعطورات في مخيم دير حسان

منزل مؤلف من غرفتين ومنافعهما، الغرفة الأولى للسكن، والثانية محل لبيع الملابس وعلى جدرانها رفوف من الحديد عليها ملابس ولادية ونسائية وأحذية وعطورات، وتتوسطها طاولة من الحديد خلفها كرسي من الخشب تجلس عليه امرأة في عقدها الثالث.

تفضلي بماذا أساعدك؟ هل تريدين ملابس أم عطورات أم أحذية؟

هكذا كان استقبال أم يوسف لنا.

وأم يوسف هي امرأة اسمها فاطمة الفجر، متزوجة ولديها ستة أولاد، وهي نازحة مع أسرتها منذ صيف عام 2019 من بلدة حاس بريف إدلب الجنوبي إلى مخيم قريب من بلدة دير حسان في ريف إدلب الشمالي الخاضع لسيطرة الفصائل الثورية.

وتعمل أم يوسف في تجارة الألبسة والأحذية والعطور قبل وبعد النزوح وتتحدث عن رحلة نزوحها من بلدتها ونقلها تجارتها قائلة:”نزحت من بلدتي حاس بسبب القصف الهمجي من قوات بشار الأسد وروسيا على البلدة بكافة أنواع الأسلحة وقتل مئات المدنيين، ثم قام زوجي بشراء أرض في مخيم دير حسان وبنى عليها هذا المنزل الذي نقلنا بضاعتنا وما تيسر من أثاث منزلنا إليه”.

وتتذكر أم يوسف كيف أسست مشروعها التجاري في بلدة حاس منذ سنوات قائلة:”كان لدى زوجي سيارة لتوزيع البضائع، ويوجد لديه محل لألعاب الأطفال وحقائب النساء في البلدة، فطلبت منه فتح محل لي في المنزل لأتاجر بنفس البضائع التي يتاجر هو بها، فرفض الفكرة في البداية لأنه كان يوجد في حارتنا دكانان لبيع الملابس، لكن قلت له الرزق على الله، وبعد إصراري على هذا المحل وافق زوجي، وبدأ بتنزيل جميع المتطلبات حتى امتلأت الغرفة بالملابس”.

ويؤكد أبو يوسف كلام زوجته ويضيف: “بدأت بتنزيل كل ما هو مطلوب إلى محل زوجتي من ملابس للأولاد والنساء وعطورات وأحذية ومكياجات”.

ويتذكر أبو يوسف تلك الأيام ويتمنى أن تعود وأن يعود جميع النازحين إلى مدنهم وقراهم.

وتقول أم يوسف إن حركة البيع في محلها السابق في بلدة حاس كانت أكبر من محلها هذا في مخيم دير حسان، وتعلل ذلك “بسوء الوضع المادي الذي يمر به جميع سكان المخيم الناتج عن عدم توفر المال وفرص العمل”، ورغم ذلك تقول: “الحمد لله المحل يتضمن الكثير من الأشياء المطلوبة والضرورية والتي من الصعب الاستغناء عنها، ولكن مقارنة بما كان عليه الوضع في حاس فهناك كان أفضل من هنا”.

وبينما كنا نتحدث دخلت إيمان (29 عاماً) وهي إحدى جارات أم يوسف وألقت التحية وبدأت تتحدث مع أم يوسف وتسألها على ملابس لأولادها وقالت لها أم يوسف: “وصل الطلب الذي تريدينه، تفضلي”.

شاركتنا إيمان الحديث ووصفت أم يوسف بأنها “امرأة لديها صبر كثير على الزبائن لأن كثيراً من الزبائن يشترون ملابس دون دفع المال، بالدين، وهي تصبر عليهم وتقدر ظروفهم في وضعهم الحالي، وأنا في السابق كان لدي محل في البلدة وقمت بإغلاقه لأن كثيراً من الزبائن يشترون الملابس دون دفع المال”.

كما دخلت إلى المحل أم خالد (32 عاماً) وهي حامل في شهرها السابع ومعها ولد اسمه خالد وعمره خمسة أعوام وتحدثت مع أم يوسف قائلة: “أم يوسف أريد بعض الملابس بي بي، ديارة لطفلي القادم، وبيجامة ولادية لابني خالد”، فقالت أم يوسف: “تكرمي”، ثم نادت خالد قائلة: “تفضل يا خالد واجلس على الكرسي”، وقامت برفعه ووضعه على الكرسي وذهبت إلى الرفوف وجلبت بيجامة خمرية اللون وبدأت أم يوسف بمساعدة أم خالد على قياس البيجامة لابنها خالد، وكانت الابتسامة مرتسمة على وجه خالد من فرحته بها.

وعند انتهاء القياس نالت إعجاب أم خالد كثيراً وقالت: “كم سعر هذه البيجامة؟ هي أعجبتني كثيراً وأريد منك تقدير ظروفنا يا أم يوسف”. وأجابت أم يوسف: “أنت تعلمين يا أم خالد أن الأسعار التي أبيع بها هي من أنسب الأسعار هذه الأيام، فأنا أقبل بالربح البسيط وأقدر الظروف القاسية التي تمر علينا، وسعرها 2500 ليرة”.

وانتهى الحديث بينهما بشراء أم خالد البيجامة ومعها ملابس بي بي، وكانت أم خالد مسرورة جداً لأنها وجدت ما تريده لولدها خالد وولدها الذي لم يولد بعد وقالت:

“أنا أثق بأم يوسف وبجودة بضائعها، وأسعارها مناسبة جداً، وهي امرأة نزيهة لا تغش”.

إعداد فريق “فرش أونلاين”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى