تقارير

ثورة سوريا تكمل عقدها الأول.. إصرار على الاستمرار رغم كل التحديات

تدخل الثورة السورية عامها العاشر في يوم ذكراها الذي يصادف اليوم الخامس عشر من شهر آذار / مارس من كل عام، عقد كامل أمضاه السوريين في العطاء والتضحية في مسعى جلي للخلاص من نظام مستبد لم يدخر جهداً إلا وبزله في سبيل القضاء عليهم وإعادة الثائرين إلى “حظيرة العبودية”.

مضى عقد كامل، شهدت فيه البلاد مئات المحطات المليئة بالتفاصيل، بدءاً من قمع نظام الأسد لمظاهرات الثائرين باستخدام آلته العسكرية مستعيناً بعشرات الآلاف من المرتزقة قادمين من شتى أصقاع العالم لمساعدة الأسد في وئد ثورة الكرامة.

وحملت السنوات الأخيرة تفاصيل وأحداث سياسية وعسكرية كثيرة، وشهدت تدخلات خارجية من قبل أطراف ودول ساندت نظام الأسد في حربه، ومن تلك المحطات، التدخل الإيراني، حيث عمدت طهران منذ بداية الثورة على تقديم الاستشارة العسكرية وعملت على تشكيل ميليشيات طائفية لمساعدة قوات نظام الأسد بعد الخسائر الكبيرة إلا أن طهران لم تعترف بوجود تلك القوات رغم كل التأكيدات والتقارير التي تثبت تورطها في حرب الإبادة التي يشنها الأسد ضد الشعب السوري مستخدماً كافة الوسائل من الحصار والتضييق والتجويع والقصف على المدن والبلدات المنددة به والداعية إلى إسقاطه وكافة رموز نظامه.

لم يقتصر دعم إيران لنظام الأسد على الدعم الاستشاري، بل كانت طرفاً أساسياً إلى جانبه عن طريق عشرات المليشيات الممولة من قبل الحرس الثوري الإيراني، كحزب الله وميليشيا “فاطميون” ولواء القدس وغيرها، ومن الأحداث البارزة، مجزرة “الكيماوي” في غوطتا دمشق الشرقية والغربية بتاريخ 21/8/2013، حيث استهدفت قوات نظام الأسد مدن وبلدات عديدة في المنطقتين بصواريخ محملة بغاز السارين السام ما أدى إلى مقتل 1127، 201 منهم من السيدات و107 من الأطفال، إضافة إلى مئات المصابين بالاختناق نتيجة استنشاق السارين.

لم تؤدي المجزرة “المروعة” إلى معاقبة نظام الأسد على انتهاكه لاتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية الموقع عليه بل اقتصرت بيانات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي على الاستنكار والإدانة للعمل “الشنيع” داعية إلى نزع الأسلحة الكيميائية التي يمتلكها.

كشفت مجزرة الغوطتين وما تبعها من مجازر بحق الشعب السوري زيف ادعاءات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي باعتبارهما منظمتين للحفاظ على السلم والأمن الدوليين إلا أن إفلات نظام الأسد الدائم من العقاب واقتصار عمل تلك المنظمات الدولية على بيانات الاستنكار والشجب دفع بالنظام إلى الاستمرار بارتكاب الجرائم مستغلاً الصمت المطبق من قبل الدول والمنظمات الدولية ومعتمدا على الفيتو المزدوج الروسي-الصيني في مجلس الأمن الدولي، إذ استخدمت كلتا الدولتين حق النقض 12مرة.

يقول عبد المجيد بركات عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري لفرش أونلاين:” إن الألية الدولية لمعاقبة مرتكبي جرائم الحرب ما تزال مغيبة بسبب تعطيلها الدائم من قبل روسيا واستخدامها لحق النقض الفيتو ضد مشاريع القرارات الدولية لإدانة ومحاسبة رموز نظام الأسد”.

ويضيف بركات، إن” سوريا تعتبر ساحة صراع بين الأطراف الدولية لتحقيق مصالحها بالرغم من تفاقم معاناة المدنيين في تجاهل واضح لمعاناتهم، فهي تعتبر ساحة نفوذ دولية لعدة أطراف بينهم روسيا وإيران”.

وأشار بأن “العقوبات الاقتصادية غير كافية للضغط على نظام الأسد وخلفائه، فالشعب السوري لا يحتاج إلى فرض عقوبات على من يرتكب جرائم بحقه”.

        التدخل الروسي يغير المعادلة لصالح الأسد

أدى التدخل العسكري الروسي إلى تغير بوصلة الصراع الدائر في البلاد، إذ ساعد التدخل العسكري إلى تقليص المساحة الجغرافية التي تسيطر عليها فصائل المعارضة وحصر المناطق الثائرة في بقعة صغيرة في شمال غربي سوريا.

عملت روسيا منذ تدخلها على حرف وتعطيل مسار العملية السياسية من خلال مساري أستانا سوتشي بدائل جنيف والقرار الدولي 2254، ودعمها اللامتناهي للحملات العسكرية ضد المدنيين.

    تكلفة الثورة السورية باهظة وخسائر بمليارات الدولارات

قدرت دراسة تحمل اسم “ثمن باهظ جداً سيدُفع”، التكلفة الاقتصادية للحرب في سوريا بعد 10 سنوات، بأكثر من 1.2 تريليون دولار أمريكي.

وبينت الدراسة: “أنه حتى لو انتهى الصراع، ستستمر تكلفتها في التراكم لغاية العام 2035 لتصل إلى 1.7 تريليون دولار”، مشيرةً أن الصراع الذي استمر لعشر سنوات أسفر عن مقتل 600 ألف سوري، كما تسبب القتال في نزوح ولجوء نحو 12 مليون شخص أي ما يعادل نصف سكان البلاد.

وفي تقرير لفريق منسقو استجابة سوريا في ذكرى الثورة السورية، فإن الحرب المستمرة منذ أعوام خلفت ورائها خسائر بشرية واقتصادية كبيرة، وانعكست تأثيراتها على المدنيين الذين بات قسم كبير منهم أما نازح ومهجر أو لاجئ

يرصد التقرير أعداد النازحين داخلياً التي تقدر ب 6.9 مليون نازح، واللاجئين في بلدان اللجوء ب 6.5 مليون لاجئ، وعدد الأطفال المنقطعين عن الدراسة ب 2.5 مليون طفل، وأعداد النازحين في المخيمات ومراكز الإيواء ب 1.9 مليون

وتسببت الحرب بخسائر اقتصادية تجاوزت عتبة 500 مليار دولار أمريكي، وتضاعفت أسعار المواد الغذائية أكثر من 120 مرة حتى نهاية 2020.

وخلال العقد الأخير تضاعف سعر العملة أكثر من 91 مرة نتيجة تحويل نظام الأسد أموال هائلة في حربه.

وشهدت البنية التحتية خسائر كبيرة نتيجة استخدام كافة أنواع الأسلحة في قصف المناطق السكنية، وشملت الأضرار القطاع التعليمي بأكثر من 41% والقطاع الطبي 75 ٪.

يعتبر السوريين ممن لا زالوا خارج مناطق سيطرة نظام الأسد بأن يوم الخامس عشر من شهر آذار، كان نقطة تحول تاريخية مهمة بعد عقود طويلة من حكم جائر قبع فيه الأسد الأب بعد انقلاب عسكري لتتحول البلاد إلى مزرعة تسيطر عليها كبرى العائلات المقربة من العائلة الحاكمة.

يؤكد السوريين في ذكرى الثورة السورية على الاستمرار بطريق النضال والكفاح حتى إسقاط نظام الأسد بكافة رموزه ونيل الحرية، لسان حالهم يقول “بتمام العقد نجدد العهد”.

إعداد حمزة العبدالله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى