تقارير

فصل الشتاء يفاقم معاناة النازحين وسط تدخل لا يرقى للمستوى المطلوب من قبل المنظمات الإنسانية

شهدت مخيمات المُهجرين شمالي سوريا خلال الأسابيع الماضية تضرر عددٍ كبير من الخيام جراء العواصف المطرية ما انعكس سلبا على قاطنيها الذين ضاقت بهم السبل تزامناً مع عدم قدرتهم على تأمين مكان بديل بسبب صعوبة التنقل جراء الفيضانات.

في الوقت الذي ناشد فيه ناشطون الجمعيات الخيرية والمنظمات الإنسانية للتدخل بإيجاد حل لغرق الخيام وذلك بتحسين شبكات الصرف وتجهيز أرضيات رملية للمخيمات تقيهم الطين، لاقى الناشطون فتوراً في الاستجابة من بعض المنظمات ووصولاً متأخراً من الأخرى.

يقول بلال عميري إداري في جمعية عطاء الإنسانية (مكتب أطمه) لفرش أونلاين:” إن الجمعية تعمل بكل طاقاتها من أجل مد يد العون للمتضررين في المخيمات العشوائية في الشمال السوري حسب الإمكانيات المادية المتاحة فحجم الكارثة الإنسانية في المنطقة كبير جداً ويحتاج إلى منظمات دولية أو بالأحرى إلى دول لتحمل نفقات الأضرار التي ضربت المنطقة”.

ويضيف العميري: “الجمعية تعمل على تنفيذ بعض المشاريع الخاصة ببعض المخيمات، مثل تقديم عوازل لعدد من المتضررين وبناء أرضيات لبناء الخيم عليها حتى لا تدخل عليها مياه الأمطار، أو استبدال الخيم القديمة بأخرى جديدة”.

وأشار إلى أن الجمعية وزعت مواد التدفئة كالفحم الحجري” والبيرين” على عدد من المخيمات في المنطقة.

ولا تقتصر معاناة قاطني المخيمات على فصل الشتاء، بل إن المعاناة التي يعيشونها متكررة ومتجددة طوال العام، وعلى سبيل المثال انتشار الحشرات الضارة والحرائق وارتفاع درجات الحرارة الكبير في فصل الصيف، كل تلك تعتبر من فصول المعاناة والمأساة.

وفي كل عام تتكرر المأساة الإنسانية لقاطني المخيمات العشوائية، تغرق مئات المخيمات ويبقى أهلها دون مأوى، ينهك البرد أجسادهم وأجساد أطفالهم، لتتحول قطع القماش التي كانت تأويهم إلى أكبر كابوس في حياتهم طيلة فصل الشتاء.

المهندس محمد حلاج مدير فريق “منسقو استجابة سوريا” قال في وقت سابق لفرش أونلاين: “إن أعداد المخيمات المتضررة نتيجة الهطولات الكثيفة ارتفع إلى 228 مخيم يأوي أكثر من 34876 عائلة، خلال العاصفة المطرية التي ضربت الشمال السوري، كما وتسببت بانقطاع العديد من االطرقات المؤدية إلى بعض المخيمات”.

وأضاف “حلاج” إن المخيمات والتجمعات في مناطق شمالي غرب سوريا بحاجة إلى  تجفيف الأراضي ضمنها، بشكل فوري وفتح قنوات التصريف لسحب المياه، وعدم الانتظار حتى يتم جفافها بشكل طبيعي بسبب ارتفاع منسوب المياه الجوفية (البساط المائي) في المنطقة.

وأوضح “حلاج” إنه “يجب إنشاء شبكة تصريف صحي ومطري بعد تجفيف المخيمات، والبدء بالمخيمات الأكثر تضرراً، والانتقال تباعا إلى المخيمات الأخرى، والعمل على إنشاء حفر وخنادق في المخيمات ومحيط كل خيمة بشكل خاص، بحيث توفر تلك الحفر سداً أوليا لامتصاص الصدمة المائية الناجمة عن الفيضانات”.

وتوزعت الأضرار ابتداءً من مخيمات بلدة “خربة الجوز” غربي إدلب وصولاً إلى مخيمات البلدات الحدودية في ريفي حلب إدلب الشماليين، إضافة إلى محيط مدن إدلب ومعرتمصرين وكللي وحربنوش وغيرها الكثير. 

وتسببت العواصف المطرية والهطولات الأخيرة بتشريد ونزوح مئات العائلات من المخيمات المتضررة إلى أماكن أخرى كدور العبادة والمدارس ومراكز الإيواء بهدف الاستقرار فيها حتى انتهاء العاصفة.

وتعتبر ظاهرة تضرر المخيمات وغرقها ظاهرة متكررة ومتجددة في كل فصل شتاء وتعود الأسباب إلى البنية التحتية السيئة التي يتم عليها إنشاء تلك المخيمات والتي تفتقر إلى التنظيم، فغالبيتها مناطق جبلية وسهلية تفتقر إلى وجود شبكات للصرف الصحي وأخرى لتصريف مياه الأمطار.

معاناة إنسانية كبيرة وتدخل خجول من قبل المنظمات الإنسانية.

وبالرغم من حجم الكارثة الكبيرة إلا أن تدخل المنظمات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني لا يرقى لحجم الكارثة، ويقتصر عملها في تأهيل البنى التحتية وتأهيل المجاري المائية وتنظيم قنوات تصريف مائية وفرش الطرقات، وعزل الخيام المتضررة.

وبالنسبة للمنظمات الدولية، أوضح “عميري” “للأسف ما يجعل المشهد يتكرر في كل عام، هو تأخر تمويل مشاريع البنى التحتية في أوائل فصل الشتاء، إذ تصل المستلزمات اللازمة بعد تفاقم الأوضاع في مخيمات النازحين، وهو ما يفاقم الوضع”.

ويلقي النازحين باللوم على المنظمات الإنسانية كونها كما يقولون تتدخل بعد وقوع الكارثة وغرق المخيمات، وهو ما يعتبر من أكبر الأخطاء التي لم تعمل تلك المنظمات على إيجاد الحلول المناسبة لها قبل بداية فصل الشتاء.

وكان المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك قد أكد: “أنه ثمة تقارير عن تضرر أكثر من 1700 أسرة في شمال غرب سوريا جراء الفيضانات، وتدمير أكثر من 200 خيمة وتعرض أكثر من 1400 خيمة للأضرار”.

وبحسب إحصائية سابقة لفريق “منسقو استجابة سوريا” يبلغ عدد المخيمات 1300 مخيم متوزعة في مدن وبلدات الشمال السوري.

إعداد حمزة العبدالله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى