تقارير

موسم التين في إدلب .. وفرة بالمحصول وصعوبات في تصديره

يمضي عبدالسلام (نازح من مدينة كفرنبل ) هذه الأيام الصيفية الحارة بعيداً عن عائلته وأطفاله، بعد أن استأجر كرماً للتين في بلدة محمبل من أجل العمل فيه لتأمين مصروفه خلال الشتاء القادم .

يعمل مع أخوته الأصغر منه في كرم التين الذي استأجره من مالكه بسعر مقبول له، على قطاف ثمار التين وتجفيفها لبيعه من أجل كسب المال، لعله يساعده على تلبية احتياجات عائلته .

كان عبد السلام قبل نزوحه، يعمل في كل عام على استأجار كروم التين مع عائلته، إلا أن النزوح الأخير فاقم من وضعه المادي وجعله هذا العام يستأجر كرماً صغيراً في إحدى بلدات جبل الزاوية التي تشهد تصعيداً من قبل قوات نظام الأسد .

يقول عبد السلام لفرش أونلاين :”إن النزوح أثر على وضعه المادي بشكل كبير، إذ لا يوجد أي عمل يعمل به لتأمين مصاريف عائلته وأطفاله، ما أضطره لأستأجار كرم للتين في بلدة محمبل لعله يستطيع تأمين مصروفه خلال الفترة القادمة “.

ويضيف “عندما كنا في مدينتنا كان لموسم التين رونق مميز، إذ كنا نفرح كثيراً وننتظره من العام للعام، لما يجنيه الموسم من ربح وفير”.

يمر موسم التين هذا العام على أهالي الريف الجنوبي من محافظة إدلب “حزيناً” على عكس الأعوام السابقة، فالقصف الذي لا يتوقف حرم مئات العائلات في عدة بلدات من جبل الزاوية من جني محصولهم بعد أن هجر غالبية السكان مناطقهم هرباً من العمليات العسكرية، لا سيما بعد تحول عدة بلدات في المنطقة إلى خطوط تماس مع قوات نظام الأسد بعد سيطرتها على عدة مدن وبلدات.

وتواجه الأهالي هذا العام العديد من الصعوبات والتحديات في جني المحصول، ومنها ما تحدث عنه عبد السلام لفرش أونلاين:” إن من أبرز الصعوبات التي نواجهها في عملية جني محصول التين، هي ما يتعلق بالجانب الأمني فخلال عملي في الكرم كانت طائرات الاستطلاع لا تفارق سماء المنطقة وهو ما يمنعنا من العمل في بعض الأوقات خوفاً من رصدنا كي لا يتم استهدافنا من قبل ميليشيات الأسد”.

ويضيف “إنه توجد صعوبات أخرى، ففي هذا العام لم يتم تحديد سعر ثابت للتين بسبب توقف حركة التصدير إلى بقية المناطق السورية وحتى دول الخليج وتركيا”.

بعد أن يتم جني محصول التين يتم الانتقال إلى تجفيفه لبيعه بعدها للتجار ، وفي هذا العام ارتفعت أسعاره نتيجة تدهور العملة السورية وتثبيت الأسعار بالدولار الأمريكي أو الليرة التركية، إذ يتراوح سعر الكيلو الواحد ما بين دولارٍ وثلاثة دولارات وذلك حسب نوعيته وجودته .

يقول فاتح الويوي (أحد تجار التين في المنطقة) لفرش أونلاين:” إن أسعار التين هذا العام تم تثبيتها بالدولار الأمريكي على عكس الأعوام السابقة، وهو ما يعود إلى الانهيار الاقتصادي الحاصل بالليرة السورية، ففي العام الماضي بيع الكيلو بأسعار تتراوح بين ٧٠٠ إلى ١٠٠٠ ليرة سورية، أما اليوم فأسعاره تتراوح ما بين الدولار والثلاثة”.

ويضيف “الويوي” إن حركة البيع والشراء حتى الآن بطيئة وخجولة بسبب ارتفاع الأسعار وتوقف حركة التصدير إلى المحافظات الأخرى نتيجة إغلاق كافة المعابر في المحافظة الرابطة بين سيطرة فصائل المعارضة و قوات نظام الأسد .

وبحسب ما أكد “الويوي” فأن النتاج الإجمالي من الموسم هذا العام، يقدر بنحو ٣٥٪ على عكس الأعوام السابقة ويعود السبب إلى عدم قدرة سكان العديد من البلدات التي تعتبر خطوط تماس مع قوات الأسد على جني محاصيلهم .

 ويعتبر موسم التين من المواسم الهامة التي تشتهر بها  محافظة إدلب منذ عقود ويعّد واحداً من أبرز المحاصيل التي يقتات بها الأهالي وموسماً اقتصادياً وفيراً، فضلاً عن المساحة الواسعة التي تحتضن أشجار التين، ويولي الأهالي في محافظة إدلب اهتماماً كبيراً بمحصول التين كونه محصولاً موسمياً يمتد عدة أسابيع، ويقدم منتوجه على دفعات خلال هذه الفترة، إلا أن المزارع يستفيد منه طيلة العام، ويعود علية بمرابح مالية جيدة تساعده على تأمين احتياجاته المنزلية.

يقول الحاج أبو أحمد صاحب إحدى كروم التين لفرش أونلاين: “شجر التين لا يحتاج لكميات كبيرة من الماء كما وينمو في ظروف مناخية صعبة، إلا أن هذه الأسباب لا تؤثر على المنتوج (منتوج التين)”.

ويتابع قائلاً:” قبل سنوات من الآن وجراء العمليات العسكرية في المنطقة وتحول كروم التين إلى مقرات عسكرية أو استهدافها من قبل قناصة ومدفعية النظام، أُجبر الأهالي على إهمال المحصول وعدم الاهتمام بالأرض خوفاً من القنص أو الاعتقال”.

لا يقتصر العمل في محاصيل التين على ما لكي أراضي التين والبساتين، فبدورهم الأهالي يجدون فرصتهم في تأمين عمل يحصلون منه على مبلغ من المال من خلال استثمار كروم أو حتى عدد من الأشجار.

كما يقول محمد أبو عبدو لفرش أونلاين:” إنه استلم أحد كروم التين من أجل العمل هو وعائلة وتوفير مبلغ من المال يساعده في تلبية احتياجات منزله”.

ويتابع قائلاً:” أتوجه الى الكرم مع أولادي الصغار ليساعدوني على قطاف ثمار التين منذ ساعات الصباح الباكر وأحياناً يتوجهون بعد صلاة العصر عند اعتدال درجات الحرارة”.

وعن عملية نضوج التين يقول الحاج أبو أحمد مجداً لفرش أونلاين:” إن عملية “التتويب” (التلقيح) تعد واحدة من أهم الإجراءات التي يتخذها المزارع من أجل تأمين محصول وفير، حيث تقوم العملية على حشرة محملة بغبار الطلع مصدرها ثمر “التوب” وهي ثمرة كثمرة التين لكنها تبقى خضراء اللون وتنضج قبل موسم التين بأشهر، وتقطف في الصباح الباكر، وتوضع كل عدة حبات منها في خيط على شكل قلادة توضع على أغصان التين”.

وللتين فوائد عديدة صحية لجسم الإنسان، فقد استخدم من قديم الزمان في علاج العديد من الأمراض مثل: السكرى وأمراض الكبد والجهاز التنفسي البولي، كما ويعتبر من الفواكه الصيفية المحببة على قلوب الجميع.

إعداد حمزة العبدالله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى