تقارير

تراجع الثروة الحيوانية في شمال غربي سوريا يهدد الأمن الغذائي للسكان

تتواصل خسائر مربي الماشية في مناطق شمال غربي سوريا، ما دفع قسماً كبيراً منهم إلى العزوف عن المهنة التي كانت تدر عليهم أرباحاً فيما سبق، في حين لا يزال بعضهم يعمل بها بالرغم من معرفتهم بأعبائها الكبيرة في ظل انعدام الجهات الداعمة لقطاع الثروة الحيوانية.

وتسببت الخسائر الكبيرة بانخفاض أعداد رؤوس الماشية، ما ضاعف من معاناة مربيها، لا سيما وأنها من المصادر الغذائية الهامة التي يعتمد عليها سكان تلك المناطق، إذ تعد مصدراً للألبان والأجبان واللحوم.

ما هي أسباب تراجع الثروة الحيوانية في شمال غربي سوريا؟

تعود الأسباب بالدرجة الأولى إلى انخفاض المساحات المزروعة التي يقصدها مربي الماشية لتغذية ماشيتهم، وارتفاع أسعار المدخلات البيطرية من (أعلاف-أدوية-لقاحات)، إضافةً إلى عزوف الكثير من المربين عن المهنة بسبب ارتفاع أعبائها المادية، وفقاً لما أوضحه، عاصم رجاء، أحد المربين لفرش.

وقال “رجاء”، إن عمليات التهجير القسري من مناطق أرياف إدلب وحماة وحلب التي سيطرت عليها قوات نظام الأسد قبل عامين بدعم روسي، أثر سلباً على الثروة الحيوانية.  

وعلل “رجاء” ذلك بالقول، إن تلك المناطق كانت تتميز بطبيعتها الريفية التي تتواجد فيها آلاف الهكتارات المزروعة والحراجية.

غلاء أسعار الموارد الأولية يثقل كاهل مربي الماشية

يعاني مربو الماشية من صعوبات في تأمين المدخلات البيطرية نظراً لارتفاع أسعارها بشكلٍ يفوق استطاعتهم المادية، وعدم توفرها في مناطق شمال غربي سوريا، حيث يتم استيراد تلك المواد من تركيا ما ينعكس بشكل سلبي عليهم، بحسب “أبو عبدو” أحد المربين.

وقال “أبو عبدو” لفرش، إن أسعار الأعلاف ارتفعت بنسبة 50% مقارنة بالعام الماضي، وذلك بعد أن كان سعر طن الشعير 200 دولار ليصل هذا العام إلى أكثر من 400، فيما ارتفع سعر التبن إلى عشرة أضعاف مقارنةً بالعام الماضي.

ورأى “أبو عبدو” من وجهة نظره، أن النزوح ضاعف من معاناة مربي الماشية، نظراً لقلة الأراضي المزروعة وانتشار آلاف المخيمات في أراضٍ كان يفترض لها أن تكون مرعاً للأغنام والأبقار وغيرها من أصناف الماشية.

وأوضح، أن الخسائر في قطاع الثروة الحيوانية تعزى إلى نفوق أعداد كبيرة من الماشية بسبب الأطعمة الفاسدة والهجمات الجوية من قبل روسيا على عشرات المزارع والدواجن في مناطق شمال غربي سوريا.

وأكد، أن الاهتمام من قبل الحكومة في إدلب وبعض المنظمات الإنسانية لا يرقى إلى مستوى التراجع الكبير، فمربي الماشية يدفعون من جيبهم الخاص للحفاظ على مختلف أنواع الماشية التي تحافظ على التوازن الغذائي في المناطق المحررة، بالرغم من أوضاعهم المادية الصعبة.

العمليات العسكرية تنعكس سلباً على واقع الثروة الحيوانية في شمال غربي سوريا

أثرت العمليات العسكرية التي شنها نظام الأسد بدعم روسي على مناطق متفرقة من الشمال السوري، بشكل سلبي على قطاع الثروة الحيوانية، عقب سيطرته على مساحات كبيرة من الأراضي التي تتميز بطبيعتها الريفية المناسبة لرعي الماشية، بحسب ما أكده الطبيب البيطري، كامل لفرش.

واعتبر الطبيب خلال حديثه لفرش، نظام الأسد كأحد مصادر التهديد المباشرة لأهم القطاعات الهامة في مناطق شمال غربي سوريا، مشيراً، أن قواته تتمعد استهداف مربي الماشية بشكل مباشر في مناطق جبل الزاوية جنوبي إدلب، وغيرها من المناطق المحررة.

وأوضح، أن مستقبل الثروة الحيوانية في خطر مقارنةً بالأعوام السابقة، لا سيما لجهة المشاكل التي تواجه المربين وإيقاف عمليات توريد الأعلاف والحبوب من تركيا، لافتاً، أن ذلك سينعكس سلبياً عليهم في ظل ارتفاع أسعارها.

بالرغم من محدوديتها.. خطوات عديدة لتحسين واقع الثروة الحيوانية في إدلب   

تسعى وزارة الزراعة التابعة للإنقاذ في إدلب، إلى دعم قطاع الثروة الحيوانية في مناطق سيطرتها، عبر مجموعة من الخطوات الرامية إلى تشجيع مربي الماشية بهدف الحفاظ على هذه الثروة.

وتتمثل الإجراءات التي تعمل عليها الوزارة بضبط عمليات بيع المدخلات البيطرية من قبل الصيدليات البيطرية في إدلب، بهدف منع التلاعب بأسعارها، وفقاً لما قاله، مسؤول الثروة الحيوانية في وزارة الزراعة، عبد الحي اليوسف، لفرش.

تراجع الثروة الحيوانية أثر على عملية الاستهلاك

تسبب تراجع الثروة الحيوانية بانخفاض عمليات استهلاك المنتجات الحيوانية من لحوم وألبان وأجبان، نظراً لارتفاع أسعارها وتفاوتها من منطقة لأخرى، في ظل ما تشهده المناطق المحررة من تدهور العملة المستخدمة في التداول (الليرة التركية) وارتفاع معدلات الفقر والبطالة، وهو ما حرم أعداداً كبيرة من المواطنين من شراء تلك المنتجات.

ويعمل قسم كبير من سكان مناطق شمال غربي سوريا، بتربية أنواع مختلفة من الماشية في مسعىً منهم لتأمين مصدر دخل يساعدهم في تدبر أمور الحياة الصعبة في ظل تردي الأوضاع المعيشية.

إعداد: محمد الجعار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى