تقارير

التعليم عن بعد في زمنِ الكورونا.. تقنية متطورة في بلد أثقلته الحروب

يقضي عبد الكريم الموسى، طالب في الصف الثامن من المرحلة الأساسية عدة ساعات يوميا أمام هاتفه المحمول ليتابع تحصيله العلمي بعد أن أصبح التعليم في شمال غربي البلاد الكترونيا وعن بعد وذلك بسبب انتشار فيروس كورونا Covid 19 بشكل متسارع في دول العالم قاطبة.
يجلس عبد الكريم وحيداً بعيداٌ عن زملائه ومعلميه الذين يجلس كل واحد منهم في منزله، فالمعلم يقع على عاتقه القسم الأكبر في إنجاح هذه الميزة الجديدة التي تم تفعيلها مؤخراً في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية.
وتواجه المعلمين العديد من الصعوبات والتحديات لإنجاح هذه الطريقة التي غزت كافة دول العالم القادرة بالأصل على إنجاحها فكافة الظروف متاحة على عكس مناطق المعارضة السورية التي لم تستعد عافيتها بعد بسبب المعارك العنيفة منذ ما يقارب العام.
ويقول ذوي الطلاب بأن هذه التقنية جيدة لكن هناك عدة مشاكل تواجههم في المنزل، “فالانترنيت لا يتوافر بكل الأوقات كما بأن أبنائهم يقضون ساعات طويلة أمام الهواتف المحمولة وما هو قد يسبب لهم عادة خاطئة، كما أن هذا الطريقة قد تجعلهم غير قادرين على استيعاب كافة الدروس فالمعلم هو الوحيد الذي يدير الحصة الدرسية على عكس الدوام في المدارس”.
الأستاذ مهند صوان معلم لغة انجليزية يشرح لفرش أونلاين عن المعوقات التي تواجه المعلمين قائلا:”إن  هذه التقنية تسبب للطالب نسيان للمعلومات التي كان قد تلقاها مسبقاً وعدم الاعتياد على الدراسة، بسبب الخلل الذي لحق بالنظامِ الذي كان ينظم للطالب ويضبطه، بالإضافة إلى سوء شبكة الإنترنت في المناطق المحررة وهو ما يصعب على الطلاب متابعة دروسهم اليومية”.

وتابع :”مع الأسف التعليم الإلكتروني جيد من ناحية وسيء من نواحٍ كثيرة، ومن أبرز سلبياته هو عدم وجود إنترنت في كل المنازل ليتمكن الأطفال من استئناف تعليمهم، وأرى ضرراً كبيراً في مسألة اعتياد الطفل على الأجهزة الذكية، هناك أطفال قد اعتادوا أن يكون الموبايل أداةً للعب لا فائدة منه”.
ولا تقتصر السلبيات عن تلك التي شرح عنها الأستاذ مهند صوان ، إذ توجد العديد من السلبيات التي بضيفها المعلم محمود العبدالله مدرس صف ثالث ابتدائي :” إن سلبيات التعليم عن بعد متعددة ومنها فقدان كفاية الأطفال من النمو الاجتماعي والاختلاط وفقدان الأطفال من النمو الجسمي الحركي وهو يؤثر أيضاً على النمو النفسي من ناحيتين الإيجابية هي أن الكثير من الأطفال وصلوا لمرحلة عليا بتقدير الذات بوجود أمهاتهن معهن  لكن هناك جوانب سلبية نفسية تؤثر على الأطفال ببعدهم عن التواصل مع المعلم عن قرب ومع رفاقه والابتعاد عنهم بهذه الفترة “.
مديريات التربية والتعليم في مناطق المعارضة أوعزت بدورها إلى كافة المجمعات التربوية بضرورة استمرار العملية التعليمية وتفعيلها عن طريق منصات التعليم عن بعد من أجل استمرار التحصيل العلمي للطلاب وخصوصاً بأن الأشهر الأخيرة حرمت عشرات الآلاف من الطلاب نتيجة المعارك والقصف الذي كانت تشهده مناطق عدة من جنوب وشرق محافظة إدلب.
الأستاذ حسن الشوى نائب مدير مديرية التربية والتعليم في إدلب يقول لفرش أونلاين :”إن المديرية أوعزت إلى كافة المجمعات التربوية بالبدء بتطبيق خطة التعليم عن بعد وذلك بهدف منع التجمعات في المدارس والمعاهد وروضات الأطفال من أجل الحفاظ على سلامة المعلمين والطلاب خصوصا بأن ظهور أي حالة إصابة بفيروس كورونا سيؤدي إلى كوارث إنسانية “.

وللطلاب آراء مختلفة فقسم منهم اعتبر هذه الطريقة جيدة كونها توفر للطالب فرصة تكرار الحصة الدرسية عدة مرات كونها قد سجلت من قبل المعلم وتم إرفاقها عن منصات ومواقع التواصل الاجتماعي، أما القسم الأخر فاعتبرها غير مجدية كون أن إيصال المعلومة من قبل المدرس إلى الطالب لن يكون بالأمر السهل وهو ما سيقلل من قدرتهم على الاستيعاب والتركيز.

أحمد هو طالب في الثانوية يتحدث لفرش أونلاين عن وضعه في ظل توقف التعليم واصفاً الطرق البديلة عبر شبكة الإنترنت بأنها غير سهلة التطبيق. وفقاً لأحمد: ” معظم الطلاب يعانون من ضعف شبكات الإنترنت في بيوتهم، وخاصةً في وضعي أنا فهي شهادة بكالوريا والشهادة ليست بالشيء الهيّن تحتاج لكفاح ومعاناة كبيرة ومعلوماتها تتطلب شرحاً واسعاً، والمعلومة عن بعد للأسف تصل بصعوبة وغير مفهومة وملغّزة، وعوضاً أن نحفظ ونثبت الفكرة فإننا نبحث عن شرح أوسع للفكرة وهذا يأخذ من وقتنا الذي نحن بحاجة لكل ثانيةٍ فيه”.

وبالنسبة للعاملين بقطاع التربية فيتخوفون من استمرار التعليم بهذه الطريقة والتي ستؤدي في حال استمرارها إلى انقطاع رواتب قسم كبير منهم في وقت صعب يعيشه جميع المعلمين نتيجة النزوح وظروف الحياة القاسية من غلاء للأسعار وارتفاع أجور النقل.
بدورها الجامعات العامة والخاصة في مناطق إدلب وغصن الزيتون ودرع الفرات أعلنت عن بدء العمل بنظام التعليم عن بعد وذلك بهدف استمرار العملية التعليمية كي لا تتوقف ويتابع الطلاب تحصيلهم العلمي العالي من أجل الاستفادة من خبراتهم في ميدان العمل ومن أجل خدمة مناطقهم المنهكة من حروب طويلة.

وكانت مديريات التربية والتعليم في مناطق شمال غرب سوريا قد فعلت تقنية التعليم عبر منصات التواصل الاجتماعي في خطوة استباقية لمكافحة ومنع انتشار فيروس كورونا Covid 19 المستجد.

إعداد حمزة العبدالله

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى